إعانة الطالبين - البكري الدمياطي - ج ٤ - الصفحة ٣٦١
بأن يعطيها من صداقها، أو يقرضها ثم يبرئها، لان الغرض حاصل مع بقاء التعظيم. اه‍. شرح المنهج: وقوله: بأن يعطيها من صداقها: أي مع كون النفقة باقية في ذمته، والأولى ويمثل بنفقة القريب لأنها تسقط بمضي الزمان. اه‍.
بجيرمي. (قوله: أو ترك الخ) بالجر عطف على ترك واجب أن قوله مستحب: أي كسنة الظهر. (وقوله: أو فعل الخ) عطف على ترك أيضا. (وقوله: مكروه) أي كالتفات في الصلاة. (قوله: سن حنثه وعليه كفارة) أي لان اليمين والإقامة عليه مكروهان، ولآية: * (ولا يأتل أولو الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولي القربى والمساكين والمهاجرين في سبيل الله وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم) *. وسبب نزولها أن الصديق رضي الله عنه حلف أن لا ينفق على مسطح بعدما قال لعائشة: ما هي بريئة منه فأنزل الله: * (ولا يأتل أولو الفضل) * الآية، فقال: بلى والله إني لأحب أن يغفر الله لي، فرجع إلى مسطح الذي كان يجريه عليه من النفقة.
ظريفة: يحكى أن ابن المقري منع النفقة عن ولده لما رآه غير مستقيم فكتب إليه ولده:
تقطعن عادة بر ولا تجعل عقاب المرء في رزقه فإن أمر الإفك من مسطح يحط قدر النجم من أفقه وقد جرى منه الذي قد جرى وعوتب الصديق في حقه فأجابه بقوله:
قد يمنع المضطر من ميتة * إذا عصى بالسير في طرقه لأنه يقوى على توبة توجب * إيصالا 0 إلى رزقه لو لم يتب مسطح من ذنبه * ما عوتب الصديق في حقه (قوله: أو على ترك مباح أو فعله) معطوفان على في ترك واجب، أي أو حلف على ذلك. (وقوله: كدخول دار الخ) مثال للمباح.
تنبيه: أختلف فيما لو حلف لا يأكل طيبا، ولا يلبس ناعما، فقيل مكروه لقوله تعالى: * (قل من حرم زينة الله) * الآية، وقيل طاعة لما عرف من اختيار السلف خشونة العيش، وقيل يختلف ذلك باختلاف أحوال الناس، وقصودهم وفراغهم للعبادة، واشتغالهم بالضيق والسعة، وهذا كما قال الرافعي الصواب.
(قوله: فالأفضل ترك الحنث) وقيل الأفضل له الحنث ليستنفع الفقراء بالكفارة. قال الأذرعي ويشبه أن محل الخلاف ما إذا لم يكن في ذلك أذى للغير، فإن كان بأن حلف لا يدخل دار أحد أبويه أو أقاربه أو صديقه، فالأفضل الحنث قطعا. وعقد اليمين على ذلك مكروه بلا شك. وكذا حكم الاكل واللبس. اه‍. مغني (قوله: إبقاء لتعظيم الاسم) أي المحلوف به، أي ولقوله تعالى: * (ولا تنقضوا الايمان بعد توكيدها) *.
تنبيهات: من حلف أن لا يفعل شيئا ككونه لا يزوج موليته، أو لا يطلق امرأته، أو لا يعتق عبده، أو لا يضرب غلامه، فأمر غيره بفعله ففعله وكيله ولو مع حضوره لم يحنث، لأنه حلف على فعله ولم يفعل، إلا أن يريد الحالف استعمال اللفظ في حقيقته ومجازه، وهو أن لا يفعله هو ولا غيره فيحنث بفعل وكيله فيما ذكر عملا بإرادته، فإن فعل الشئ الذي حلف عليه بنفسه عامدا عالما مختارا حنث، بخلاف ما لو كان جاهلا أو ناسيا أو مكرها فلا يحنث حينئذ.
ومن الفعل جاهلا أن يدخل دار الا يعرف أنها المحلوف عليها، أو يسلم على زيد في ظلمة ولا يعرف أنه زيد وهو حالف

(1) سورة النور، الآية: 22.
(2) سورة الأعراف، الآية: 32.
(3) سورة النحل، الآية: 91.
(٣٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 356 357 358 359 360 361 362 363 364 365 366 ... » »»
الفهرست