إعانة الطالبين - البكري الدمياطي - ج ٤ - الصفحة ٣٦٠
منعقدة لأنها استدراك مقصود منه. اه‍. وقوله: قال الماوردي الخ. قال في التحفة: هو ظاهر إن علم أنه قصدها. وكذا إن شك، لأن الظاهر أنه قصدها، أما إذا علم أنه لم يقصدها فواضح أنه لغو. اه‍. وقال في المغني: وجعل صاحب الكافي من لغو اليمين ما إذا دخل على صاحبه فأراد أن يقوم له فقال: والله لا تقوم، وهو مما تعم به البلوى. اه‍. وهو ظاهر إن لم يقصد اليمين فإن قصدهم كانت يمينا كما نبه عليه في التحفة والنهاية. (قوله: بلا قصد) لا حاجة إليه بعد قوله سبق لسانه كما نبه عليه في المغني وعبارته:
تنبيه: لا حاجة لقوله بلا قصد بعد قوله ومن سبق لسانه. اه‍.
(قوله: كلا والله وبلى والله) أي كقوله ذلك. (وقوله: في نحو غضب) متعلق بقوله المقدر. (قوله: لم ينعقد) أي اليمين بذلك، وهو جواب من. (قوله: والحلف مكروه) أي لقوله تعالى: * (ولا تجعلوا الله عرضة لايمانكم) * أي نصبا لها بأن تكثروا منها لتصدقوا، ولخبر: إنما الحلف حنث أو ندم، رواه ابن حبان في صحيحه، ولأنه ربما يعجز عن الوفاء فيما حلف عليه. قال حرملة: سمعت الشافعي رضي الله عنه يقول: ما حلفت بالله صادقا ولا كاذبا قط.
تنبيه: كان الأولى للمؤلف أن يزيد بعد قوله مكروه لفظ في الجملة، وذلك لان من اليمين ما هو معصية كما سيأتي في كلامه، ومنها ما هو مباح، ومنها ما هو مستحب. كأن توقف عليها فعل مندوب أو ترك مكروه، ومنها ما هو واجب فيما إذا توقف عليها فعل واجب، أو ترك حرام.
(قوله: إلا في بيعة الجهاد الخ) لو قال كغيره إلا في طاعة كبيعة الجهاد الخ. لكان أولى، إذ عبارته تفيد الحصر في هذه الثلاثة مع أنه ليس كذلك، بل مثلها كل طاعة من فعل واجب، أو ترك حرام، أو فعل مندوب، فلا كراهة في الحلف في جميع ذلك. ومثل في شرح الروض للبيعة على الجهاد بقوله عليه الصلاة والسلام: والله لأغزون قريشا الحديث المار. وقوله والحث على الخير: أي كقوله والله إن لم تثبت لتندم. (قوله: والصادق في الدعوى) الملائم لما قبله أن يقول: وفي الدعوى الصادقة: أي عند حاكم. ولا تكره اليمين أيضا فيما إذا دعت حاجة إليها كتوكيد كلام كقوله (ص):
فوالله لا يمل الله حتى تملوا أي لا يترك ثوابكم حتى تتركوا العمل، أو تعظيم أمر كقوله عليه السلام: والله لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا. (قوله: ولو حلف الخ) هذا إشارة إلى استثناء رابع، فكأنه قال: وتكره إلا إن حلف على ارتكاب معصية فتحرم. (وقوله: ولزمه حنث الخ) تلخص من كلامه أن الحنث تارة يجب كما في هذه الصورة، وتارة يندب كما ذكره بقوله: أو ترك مستحب، أو فعل مكروه. وتارة يكون خلاف الأولى كما ذكره بقوله: أو على ترك مباح أو فعله. وبقي عليه الكراهة، وذلك كما إذا حلف على فعل مندوب، أو ترك مكروه، والتحريم كما إذا حلف على فعل واجب، أو ترك حرام، فيحرم عليه الحنث بترك واجب أو فعل حرام. فتحصل أن الحنث تعتريه أحكام خمسة ولا تعتريه الإباحة، لأنه في صورة المباح يكون خلاف الأولى، وبضد ما قيل في الحنث يقال في البر، فحيث وجب الحنث حرم البر، وحيث حرم الحنث وجب البر، وحيث ندب الحنث كره البر، وحيث كره الحنث ندب البر. اه‍. بجيرمي. بتصرف (وقوله: عصى) أي بالحلف، واستثنى بالبلقيني من الصورة الأولى: أعني ترك الواجب مسألتين، الأولى: الواجب الذي يمكن سقوطه كالقصاص بعد الحكم به، فإنه يمكن سقوطه بالعفو. الثانية: الواجب على الكفاية، كما لو حلف لا يصلي على فلان الميت حيث لم تتعين عليه، فإنه لا يعصي بهذا الحلف. اه‍. مغني. (وقوله: ولزمه حنث وكفارة) أي لان الإقامة على هذه الحالة معصية، ولخبر الصحيحين: من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها فليأت الذي هو خير.
ولكيفر عن يمينه. وإنما يلزمه الحنث إذا لم يكن له طريق سواه، وإلا فلا، كما لو حلف لا ينفق على زوجته فإن له طريقا

(1) سورة البقرة، الآية: 224.
(٣٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 355 356 357 358 359 360 361 362 363 364 365 ... » »»
الفهرست