إعانة الطالبين - البكري الدمياطي - ج ١ - الصفحة ٧٥
أولى لشدة منافاته للتعلق بالرب سبحانه وتعالى. وأما الجنون فلا يجوز عليهم لأنه نقص. (قوله: للخبر الصحيح) هو دليل للانتقاض بزوال العقل بالنوم، وأما غيره من السكر والجنون والاغماء فيقاس عليه قياسا أولويا. (قوله: فمن نام فليتوضأ) أول الحديث: العينان وكاء السه فمن نام... إلخ. قال في شرح المنهج: وغير النوم مما ذكر أبلغ منه في الذي هو مظنة لخروج شئ من الدبر. كما أشعر بها - أي بالمظنة - الخبر، إذ السه الدبر، ووكاؤه حفاظه عن أن يخرج منه شئ لا يشعر به، والعينان كناية عن اليقظة. اه‍. وقوله: والعينان إلخ معناه أن اليقظة للدبر كالوكاء للوعاء يحفظ ما فيه. (قوله: وخرج بزوال العقل النعاس) هو ريح لطيفة تأتي من قبل الدماغ فتغطي العين ولا تصل إلى القلب، فإن وصلت إليه كان نوما. (قوله: وأوائل نشوة السكر) أي أوائل مقدمات السكر. وهي بالواو على الأفصح. بخلاف نشأة الصبا فإنها بالهمزة لا غير. (قوله: فلا نقض بهما) أي بالنعاس وأوائل نشوة السكر، وذلك لبقاء نوع من التمييز معهما.
(قوله: كما إذا شك إلخ) أي فإنه لا نقض به. وقوله: أو نعس قال في شرح الروض: بفتح العين. (قوله: وإن لم يفهمه) الواو للحال، وإن زائدة. أي: والحال أنه لم يفهمه. ولو جعلت للغاية لافادت أنه لا فرق بين أن يفهمه أم لا، ولا يصح ذلك لأنه إذا فهمه يكون يقظان لا غير. (قوله: لا زواله بنوم إلخ) أي لا يكون زوال العقل بنوم من ذكر ناقضا للوضوء لامن خروج شئ حينئذ من دبره. ولا عبرة باحتمال خروج ريح من قبله لأنه نادر، ولقول أنس رضي الله عنه:
كان أصحاب رسول الله (ص) ينامون ثم يصلون ولا يتوضؤن. رواه مسلم. وفي رواية لأبي دواد: ينامون حتى تخفق رؤوسهم الأرض. وحمل على نوم الممكن جمعا بين الاخبار. (قوله: قاعد) قال سم: التقييد بالقاعدة الذي زاده. قد يرد عليه أن القائم قد يكون ممكنا، كما لو انتصب وفرج بين رجليه. وألصق المخرج بشئ مرتفع إلى حد المخرج، ولا يتجه إلا أن هذا تمكن مانع من النقض فينبغي الاطلاق، ولعل التقييد بالنظر للغالب. اه‍ ع ش. (قوله: ممكن) أي ولو احتمالا. وخرج به ما لو نام قاعدا غير متمكن، أو نام قائما، أو نام على قفاه، ولو متمكنا بأن ألصق مقعد بمقره. (قوله:
أي ألييه) بفتح الهمزة تثنية ألية، وحذفت التاء في التثنية، وهو تفسير للمقعد. (قوله: من مقره) متعلق بممكن. والمراد به ما يشمل الأرض وغيرها. (قوله: وإن استند) أي الممكن. وهو غاية لعدم الانتقاض بزوال العقل بنوم من ذكر.
وقوله: لما لو زال سقط أي لشئ، كعمود، لو زال ذلك الشئ لسقط ذلك المستند إليه. (قوله: أو احتبى) عطف على استند، فهو غاية ثانية. والاحتباء ضم ظهره وساقيه بعمامة أو غيرها. (قوله: وليس، إلخ) مرتبط بالمتن. أي: ولا ينقض الوضوء زوال العقل بنوم الممكن بشرط أن لا يكون بين مقعده ومقره تجاف - أي تباعد - فإن كان بينهما ذلك انتقض وضوءه ما لم يخش بقطنة. (قوله: انتبه بعد زوال أليته) أي يقينا، بدليل ما بعد. (قوله: لا وضوء شاك، إلخ) أي لا ينتقض وضوء شخص شك هل كان عند النوم ممكنا مقعدته أم لا؟ أو شك هل زالت أليته من مقرها قبل أن يستيقظ من نومه أم بعده؟. (قوله: وتيقن الرؤيا) مبتدأ خبره لا أثر له. وكتب سم على قول التحفة وتيقن الرؤيا إلخ، ما نصه: هو صريح في أنه يتصور تيقن الرؤيا من غير تذكر نوم ولا شك فيه، وهو محل وقفة قوية، وكيف يتيقن الرؤيا التي هي من آثار النوم ولا يشك فيه؟ فإن قيل: لأنه يحتمل أنها ليست رؤيا بل حديث نفس مثلا. قلنا: فلم يوجد تيقن الرؤيا مع أن الفرض تيقنها؟ وقد يقال: المتجه أنه إن تيقن رؤيا لا تكون إلا مع النوم وجب الانتقاض بها. وإن لم يتيقنها، كأن وجد ما يحتمل أنها رؤيا النوم التي لا توجد إلا معه، وأنها غير ذلك. فلا نقض للشك، والكلام كله حيث لا تمكين، وإلا فلا نقض مطلقا. (قوله: بخلافه مع الشك فيه) أي بخلاف تيقن الرؤيا مع الشك في النوم فإنه يؤثر، وذلك لان الرؤيا من علامات
(٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 80 ... » »»
الفهرست