إعانة الطالبين - البكري الدمياطي - ج ١ - الصفحة ٧٧
إلخ، لا يظهر الاستدراك بالنسبة إليه. وعبارة فتح الجواد بعد قوله: لا ما وراءهما: نعم، يسن الوضوء من مس نحو العانة وباطن الالية. اه‍. والاستدراك فيها ظاهر.
واعلم أن الأمور التي يستحب الوضوء لها كثيرة تبلغ ثمانية وسبعين. وعد الشارح بعضها. قال العلامة الكردي :
وقفت على منظومة للعراقي فيما سن له الوضوء، وهي:
ويندب للمرء الوضوء فخذ لدي * * مواضع تأتي وهي ذات تعدد قراءة قرآن سماع رواية * * ودرس لعلم والدخول لمسجد وذكر وسعي مع وقوف معرف * * زيارة خير العالمين محمد وبعضهم عد القبور جميعها * * وخطبة غير الجمعة اضمم لما بدي ونوم وتأذين وغسل جنابة * * إقامة أيضا والعبادة فاعدد وإن جنبا يختار أكلا ونومه * * وشربا وعودا للجماع المجدد ومن بعد فصد أو حجامة حاجم * * وقئ وحمل الميت واللمس باليد له أو لخنثى أو لمس لفرجه * * ومس ولمس فيه خلف كأمرد وأكل جزور غيبة ونميمة * * وفحش وقذف قول زور مجرد وقهقهة تأتي المصلي وقصنا * * لشاربنا والكذب والغضب الردي وإنما استحب الوضوء لهذه الأمور للخروج من الخلاف في معظمها، ولتكفير الخطايا في نحو الغيبة من كل كلام قبيح، ولاطفاء الغضب فيه. وينوي في جميع ذلك رفع الحدث أو فرض الوضوء، أو غيرهما من النيات المعتبرة في الوضوء كما مر. ولا يصح بنية السبب، كنويت الوضوء لقراءة القرآن، كما تقدم. وإدامة الوضوء سنة، ولها فوائد، منها:
سعة الرزق، ومحبة الحفظة، والتحصن، والحفظ من المعاصي.
(قوله: من مس نحو العانة) هي محل الشعر. والشعر يقال له: شعرة، كذا قيل. وسيأتي عن الرحماني في الأغسال المسنونة أن العانة اسم للشعر الذي فوق الذكر وحول قبل الأنثى، وهو المشهور الموافق لما في عبارات الفقهاء من حلق العانة ومن نبات العانة. اه‍ بجيرمي. ولعل المراد بنحو العانة الشعر النابت فوق الدبر. (قوله: وباطن الالية) بفتح الهمزة، المراد به ما انطبق عند القيام مما يلي حلقه الدبر. (قوله: والأنثيين) نقل عن بعض المالكية أنه ينقض مسهما، وعليه فالوضوء للخروج من الخلاف. (قوله: وشعر نبت فوق ذكر) لا حاجة إليه على تفسير العانة بما مر عن الرحماني. (قوله: وأصل فخذ) أي مبدأ فخذ، فهو من الفخذ. وإنما سن الوضوء للخروج من الخلاف، كما في التحفة، ونصها: وخبر: من مس ذكره أو رفغيه - أي بضم الراء وبالفاء والمعجمة: أصل فخذيه - فليتوضأ موضوع، وإنما هو من قول عروة. وحينئذ يسن الوضوء من ذلك خروجا من الخلاف. اه‍. (قوله: ولمس صغيرة) أي لا تشتهي عرفا. أما التي تشتهي فيجب الوضوء بلمسها بلا خلاف. (قوله: وأمرد) أي ولمس أمرد. أطلقه - كالتحفة - ولم يقيده بكونه حسنا، وقيده في الايعاب وشرحي الارشاد بذلك. وكذلك النووي في التحقيق وزوائد الروضة. ويفهم مما ذكرته في الأصل أن الحسن يسن الوضوء من لمسه مطلقا، وغيره يسن إن كان بشهوة. اه‍ كردي. (قوله: وغضب) أي يندب عند غضب. ولو لله، ولو كان متوضئا، وهو ثوران دم القلب عند إرادة الانتقام، وسببه هجوم ما تكرهه النفس ممن دونها، بخلاف الحزن، فإنه ثورانه عند هجوم ما تكرهه ممن فوقها. والأول يتحرك من داخل الجسد إلى خارجه، بخلاف الثاني، ولذا يقتل دون الأول. وإنما يسن الوضوء عنده لقوله عليه الصلاة والسلام: إن الغضب من الشيطان، وإن الشيطان من النار، وإنما تطفأ النار بالماء. فإن غضب أحدكم فليتوضأ. وهذه حكمة أصل المشروعية، وهي لا تطرد فلا
(٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 72 73 74 75 76 77 78 79 80 81 82 ... » »»
الفهرست