إعانة الطالبين - البكري الدمياطي - ج ١ - الصفحة ٧١
وذكر الشارح الأسباب والأركان وبعض الشروط إجمالا، ولا بد من بيان ذلك تفصيلا، فيقال: أما الأسباب فشيآن: فقد الماء حسا بأن لم يجده أصلا، أو شرعا بأن وجده مسبلا للشرب أو وجده بأكثر من ثمن مثله. وخوف محذور من استعمال الماء، بأن يكون به مرض يخاف معه من استعماله على منفعة عضو، أو يخاف زيادة مدة المرض، أو يخاف الشين الفاحش من تغير لون ونحول في عضو ظاهر. وفي الحقيقة هذا الثاني يرجع للفقد الشرعي. وأما الشروط فعشرة: أن يكون بتراب على أي لون كان. وأن يكون طاهرا، فلا يصح بمتنجس. وأن لا يكون مستعملا في حدث أو خبث. وقد جمع الشارح هذين الشرطين بقوله: طهور وأن لا يخالطه دقيق ونحوه. وأن يقصده بالنقل لآية: * (فتيمموا صعيدا طيبا) * أي اقصدوه بالنقل. فلو فقد النقل كأن سفته عليه الريح فردده لم يكفه. وأن يمسح وجهه ويديه بنقلتين يحصل بكل منهما استيعاب محله. وأن يزيل النجاسة أولا. وأن يجتهد في القبلة قبل التيمم، فلو تيمم قبل الاجتهاد فيها لم يصح على الأوجه. وأن يقع التيمم بعد دخول الوقت. وأن يتيمم لكل فرض عيني ولو نذرا. وأما الأركان فأربعة: نية استباحة مفتقر إلى التيمم، كصلاة وطواف ومس مصحف. فلا يكفي نية رفع الحدث لان التيمم لا يرفعه، ولا نية فرض التيمم. قال بعضهم: محله ما لم يضفه لنحو صلاة، ومسح وجهه، ومسح يده، والترتيب. وعد بعضهم النقل من الأركان، فتكون خمسة. وأما مبطلاته، فكل ما أبطل الوضوء، وسيأتي بيانه قريبا. ويزاد على ذلك: توهم وجود الماء إن كان قبل الصلاة، ووجوده فيها إن كانت الصلاة مما لا يسقط فرضها بالتيمم، فإن كانت مما يسقط فرضها به فلا تبطل.
والردة - والعياذ بالله - وأما سننه: فجميع سنن الوضوء مما يمكن مجيئه هنا إلا التثليث. ويزاد عليها: نزع الخاتم في الضربة الأولى، وأما الثانية فواجب. وتخفيف التراب من كفيه، وتفريق أصابعه في كل ضربة. وأن لا يرفع يده على العضو حتى يتم مسحه.
(قوله: لفقد ماء) أي حسا أو شرعا. ومن الأول ما إذا حال بينه وبين الماء سبع، لان المراد بالحسي تعذر الوصول للماء. واستعماله في الحس، كذا في التحفة. قال سم: واعلم أنه لا قضاء مع الفقد الحسي. اه‍. ومحل جواز التيمم عند الفقد: إذا طلبه من رحله ورفقته ونظر حواليه وتردد إن احتاج إلى التردد فلم يجده، أو تيقن فقد الماء.
ولا يحتاج عند التيقن إلى ما ذكر لأنه عبث لا فائدة فيه. وقوله: أو خوف محذور أي كمرض أو زيادته، أو إتلاف عضو أو منفعته. (قوله: بتراب) أي ولو كان مغصوبا لكنه يحرم كتراب المسجد. وخرج بالتراب غيره كنورة وزرنيخ وسحاقة خزف، ومختلط بدقيق ونحوه. وقوله: طهور خرج به المتنجس والمستعمل. وفي البجيرمي ما نصه: قال الحكيم الترمذي: إنما جعل التراب طهورا لهذه الأمة لان الأرض لما أحست بمولده (ص) انبسطت وتمددت وتطاولت وأزهرت وأينعت، وافتخرت على السماء وسائر المخلوقات بأنه نبي خلق مني، وعلى ظهري تأتيه كرامة الله، وعلى بقاعي سجد بجبهته، وفي بطني مدفنه. فلما جرت رداء فخرها بذلك جعل ترابها طهورا لامته. فالتيمم هدية من الله تعالى لهذه الأمة خاصة لتدوم لهم الطهارة في جميع الأحوال والأزمان. اه‍. (قوله: له غبار) خرج به ما لا غبار له كتراب مندى. وأما الرمل فإن كان له غبار وكان لا يلصق بالعضو صح التيمم به، وإلا فلا. (قوله: وأركانه) أي التيمم. (قوله: نية استباحة الصلاة) أي ونحوها مما يفتقر إلى طهارة، كطواف وسجود تلاوة وحمل مصحف. ويصح أن يأتي بالنية العامة كأن يقول:
(٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 ... » »»
الفهرست