المحدث حدثا أصغر فلا يتيمم إلا وقت غسل العليل لاشتراط الترتيب في طهارته، فلا ينتقل عن عضو حتى يكمله غسلا وتيمما عملا بقضية الترتيب. فإذا كانت العلة في اليد فالواجب تقديم التيمم على مسح الرأس وتأخيره عن غسل الوجه.
ولا ترتيب بين التيمم عن عليله وغسل صحيحه، فله أن يتيمم أولا عن العليل ثم يغسل الصحيح من ذلك العضو، وهو الأولى، ليزيل الماء أثر التراب كما تقدم. وله أن يغسل صحيح ذلك العضو أولا ثم يتيمم عن عليله. (قوله: أو عضوين) معطوف على قوله في عضو. أي أو امتنع استعماله في عضوين. وقوله: فتيممان أي يجبان عليه. ومثل ذلك ما إذا امتنع استعماله في ثلاثة أعضاء فإنه يجب عليه ثلاثة تيممات، هكذا.
والحاصل أن التيمم يتعدد بعدد الأعضاء إن وجب فيها الترتيب ولم تعمها الجراحة، فإن امتنع استعمال الماء في عضوين وجب تيممان، أو ثلاثة فثلاث، أو في أربعة وعمت الجراحة الرأس فأربع. فإن بقي من الرأس جزء سليم وجب مسحه مع ثلاثة تيممات. فإن وجدت الجراحة في الأعضاء التي لا ترتيب فيها كاليدين والرجلين لم يجب تعدده، بل يندب فقط. وإن عمت الجراحة جميع الأعضاء أجزأ عنها تيمم واحد. واعلم أن هذا في المحدث، وأما نحو الجنب فيكفيه تيمم واحد ولو وجدت الجراحة في جميع الأعضاء.
(قوله: ولا يصلي به) أي بالتيمم. وقوله: إلا فرضا واحدا أي إذا نوى استباحة الفرض، وأما إذا نوى استباحة النفل فلا يصلي غيره. والحاصل المراتب ثلاث: المرتبة الأولى: فرض الصلاة ولو منذورة، وفرض الطواف كذلك، وخطبة الجمعة لأنها منزلة منزلة ركعتين فهي كصلاتها عند الرملي. المرتبة الثانية: نفل الصلاة، ونفل الطواف، وصلاة الجنازة لأنها وإن كانت فرض كفاية فالأصح أنها كالنفل: المرتبة الثالثة: ما عدا ذلك، كسجدة التلاوة والشكر وقراءة القرآن ومس المصحف وتمكين الحليل. فإذا نوى واحد من المرتبة الأولى استباح واحدا منها، ولو غير ما نواه استباح معه جميع الثانية والثالثة. وإذا نوى واحدا من الثانية استباح جميعها وجميع الثالثة دون شئ من الأولى. وإذا نوى شيئا من الثالثة استباحها كلها وامتنعت عليه الأولى والثانية. (قوله: ونواقضه. إلخ) أخر المصنف النواقض عن الوضوء نظرا إلى أن الوضوء يوجد أولا ثم تطرأ عليه. وبعض الفقهاء قدمها عليها نظرا إلى أن الانسان يولد محدثا، أي في حكم المحدث، بمعنى أنه يولد غير متطهر. واعترض التعبير بالنواقص بأن النقض إزالة الشئ من أصله. تقول: نقضت الجدار، إذا أزلته من أصله. فيقتضي التعبير بالنواقض أنها تزيل الوضوء من أصله فيلزم بطلان الصلاة الواقعة به. وأجيب بأن المراد بها الأسباب التي ينتهي بها الطهر، وهي الاحداث. فتفسير الشارح لها بالأسباب إشارة لدفع هذا الاعتراض، لكن يعكر عليه إضافة الأسباب لها فإنها تقتضي المغايرة، إلا أن تجعل الإضافة بيانية. ولو قال: أي الأسباب التي يبطل بها الوضوء لكان أولى. (قوله: أربعة) أي فقط. وهي ثابتة بالأدلة. وعلة النقض بها غير معقولة فلا يقاس عليها غيرها.
(قوله: أحدها) أي الأربعة. (قوله: خروج شئ) خرج الدخول فلا ينقض. ولو رأى على ذكره بللا لم ينتقض وضوءه إن احتمل طروه من خارج، فإن لم يحتمل ذلك انتقض. كما لو خرجت منه رطوبة وشك أنها من الظاهر أو الباطن فإنها لا تنقض، كما نص عليه ابن حجر في شرح الارشاد الكبير. (قوله: غير منيه) أي مني الشخص نفسه وحده الخارج أول مرة، أما هو فلا ينقض، كأن احتلم متوضئ وهو ممكن مقعدته لأنه أوجب أعظم الامرين وهو الغسل. أما لو خرج منه مني غيره. ولو مع منيه. أو مني نفسه وحده ثانيا، بأن أدخله في قصبة ذكر ثم خرج منه، فينتقض وضوءه. (قوله: عينا كان إلخ) تعميم في الشئ الخارج. وبقي عليه تعميمات أخر، وهي: سواء خرج طوعا أو كرها، عمدا أو سهوا.
(قوله: معتادا) المراد به ما يكثر وقوعه بأن يخرج على العادة. والنادر بخلافه، وهو ما لا يكثر وقوعه بأن يخرج على خلاف العادة. (قوله: كدم باسور) أي داخل الدبر، فلو خرج الباسور ثم توضأ ثم خرج منه دم فلا نقض. وكذا لو خرج من الباسور النابت خارج الدبر. وقوله: أو غيره أي غير دم الباسور. كمقعدة المزحور إذا خرجت، فلو توضأ حال