إعانة الطالبين - البكري الدمياطي - ج ١ - الصفحة ٦٤
يقتضي طلبه، فيكون ما بعد الأولى مؤكدا لها، ويفرق بينه وبين تكرير النية في الصلاة، حيث قالوا: يخرج بالاشفاع ويدخل بالأوتار لأنه عهد فعل النية في الوضوء بعد أوله فيما لو فرق النية أو عرض ما يبطلها كالردة، ولم يعهد مثل ذلك في الصلاة. ونقل عن فتاوي م ر ما يوافقه. اه‍.
(قوله: للاتباع في أكثر ذلك) في شرح المنهج: للاتباع في الجميع. أخذا من إطلاق خبر مسلم: أنه (ص) توضأ ثلاثا ثلاثا. ورواه أيضا في الأول مسلم، وفي الثاني - في مسح الرأس - أبو داود، وفي الثالث البيهقي، وفي الخامس - في التشهد - أحمد وابن ماجة. اه‍. نعم، هو لم يذكر في عبارته السواك، فظهر وجه قول الشارح في أكثر ذلك.
ورأيت في الكردي بعد نقله عبارة شرح المنهج ما نصه: وقد بين الشيخ في الامداد ما لم يرد مما قاسوه، فقال: للاتباع في أكثر ذلك، وقياسا في غيره. أعني نحو الدلك والسواك والتسمية. اه‍. (قوله: مثلا) راجع لليد. (قوله: ولو في ماء قليل) قال في التحفة: وإن لم ينو الاغتراف. على المعتمد لما مر، أنه لا يصير مستعملا بالنسبة لها إلا بالفضل، كبدن جنب انغمس ناويا في ماء قليل. اه‍. (قوله: إذا حركها مرتين) عبارة غيره: إذا حركها ثلاثا. ويمكن أن يقال مرتين غير المرة الواجبة. ثم إن التحريك إنما هو في الماء الراكد، أما الجاري فيحصل فيه التثليث بمرور ثلاث جريات على العضو. (قوله: كما استظهره شيخنا) عبارته بعد ما نقلته على قوله: ولو في ماء قليل فبحث أنه لو ردد ماء الأولى قبل انفصاله عن نحو اليد عليها لا تحسب ثانية. فيه نظر، وإن أمكن توجيهه بأن القصد منها النظافة والاستظهار، فلا بد من ماء جديد. اه‍. وإذا علمتها تعلم ما في قوله: كما استظهره شيخنا (قوله: ولا يجزئ تثليث إلخ) أي لان الشرط في حصول التثليث حصول الواجب أولا. قال في التحفة: ولو اقتصر على مسح بعض رأسه وثلثه حصلت له سنة التثليث.
كما شمله المتن وغيره. وقولهم: لا يحسب تعدد قبل تمام العضو مفروض في عضو يجب استيعابه بالتطهير. اه‍.
(قوله: ولا بعد تمام الوضوء) أي ولا يجزئ تثليث بعد تمام الوضوء. فلو توضأ مرة مرة إلى تمام غسل الأعضاء، ثم أعاد كذلك ثانيا وثالثا، لم يحصل التثليث. فإن قيل: قد تقرر أنه لو فعل ذلك في المضمضة والاستنشاق حصل له التثليث؟
أجيب بأن الفم والأنف كعضو واحد فجاز ذلك فيهما. قال بعضهم: ومقتضى ما ذكر أنه لو غسل اليمنى من يديه ورجليه مرة ثم اليسرى كذلك، وهكذا في الثانية والثالثة، حصلت فضيلة التثليث، لان اليدين والرجلين كعضو واحد. (قوله:
ويكره النقص إلخ) أي لأنه (ص) توضأ ثلاثا وقال: هكذا الوضوء، فمن زاد على هذا أو نقص فقد أساء وظلم. وأما وضوءه (ص) مرة مرة ومرتين مرتين فإنما كان لبيان الجواز. (قوله: كالزيادة عليها) أي ككراهة الزيادة على الثلاث. قال في بداية الهداية: ولا تزد في الغسل على ثلاث مرات، ولا تكثر صب الماء من غير حاجة بمجرد الوسوسة فللموسوسين شيطان يلعب بهم يقال له: الولهان. اه‍. وفي حاشية الرشيدي على فتح الجواد شرح منظومة ابن العماد في المعفوات ما نصه:
واعلم أن الباب الأعظم الذي دخل منه إبليس على الناس - كما قال السبكي - هو الجهل، فيدخل منه على الجاهل بأمان، وأما العالم فلا يدخل عليه إلا مسارقة. وقد لبس على كثير من المتعبدين لقلة علمهم، لان جمهورهم يشتغل بالتعبد قبل أن يحكم العلم. وقد قال الربيع بن خثيم: تفقه ثم اعتزل. فأول تلبسه عليهم إيثارهم التعبد على
(٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 ... » »»
الفهرست