فتح العزيز - عبد الكريم الرافعي - ج ٨ - الصفحة ٢١٨
أن يظهر من ذلك المتاع سعة في البلد فإن لم يظهر امام لكبر البلد وقلة ذلك الطعام أو لعموم وجوده أو رخص السعر فيه ففيه وجهان (أوفقهما) لمطلق الخبر أنه يحرم (والثاني) لا لان المعنى المحرم تفويت الرفق والربح على الناس وهذا المعنى لم يوجد ههنا (وثالثها) أن يكون المتاع المجلوب مما تعم الحاجة إليه كالصوف والأقط وسائر أطعمة القرى (فاما) ما لا يحتاج إليه الا نادرا فلا يدخل تحت النهي قاله في التهذيب (ورابعها) أن يحصر القروي الحضري ذلك على البدوي ويدعوه إليه (فاما) إذا التمس البدوي منه بيعه تدريجا أو قصد الإقامة في البلد ليبيعه كذلك فسأل البدوي تفويضه إليه فلا بأس به لان لم يضر بالناس ولا سبيل إلى منع المالك عنه لما فيه من الاضرار به * ولو أن البدوي استشار الحضري فيما فيه حظه فهل يرشده إلى الادخار والبيع على التدريج حكى القاضي ابن كج عن أبي الطيب بن سلمة وأبي إسحاق المروزي أنه يجب عليه إرشاده إليه بذلا للنصيحة وعن أبي حفص بن الوكيل أنه لا يرشده إليه توسيعا على الناس * ثم لو باع الحضري للبدوي عند اجتماع شرائط التحريم صح البيع وإن أثم واحتج الشافعي رضي الله عنه بما روى في بعض الروايات أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في آخر الخبر (دعوا الناس يرزق الله عز وجل بعضهم من بعض) (1) ولولا صحة البيع لما كان في فعله تفويت على الناس قال (وأن يتلقى الركبان ويكذب في سعر سلعتهم فيشتريها رخيصا فللبائع الخيار إذا عرف كذبه لأنه تغرير) * روى أنه صلى الله عليه وسلم قال (لا تلقوا الركبان للبيع وفى رواية فمن تلقاها فصاحب السلعة بالخيار بعد أن يقدم السوق) (2) وصورته أن يتلقى الانسان طائفة يحملون متاعا إلى البلد فيشتريه
(٢١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 213 214 215 216 217 218 219 220 221 222 223 ... » »»
الفهرست