وافق يوم عرفة يوم الجمعة وإنما لم يجمع لأنه ومن معه لم يكونوا متوطنين (1) وإن عزموا على الإقامة أياما ولا يخفى مما ذكرنا ان قوله في الكتاب وإن عزموا على الإقامة مدة المراد منه مدة ينقطع بعزم إقامتها حكم السفر لا كاليوم واليومين وقوله لزمه الجمعة قريب من التكرار لأنه معلوم من قوله في أول الباب ذكر حر صحيح مقيم فإنه يبين لزومها على المقيم عند اجتماع سائر الشرائط وهذا مقيم * قال (وأهل القرى لا تلزمهم الجمعة الا إذا بلغوا أربعين من أهل الكمال أو بلغهم نداء البلد من رجل رفيع الصوت واقف على طرف البلد في وقت هدوء الأصوات وركود الرياح) * الثالث القرية إما أن يكون فيها أربعون من أهل الكمال أو لا يكون فإن كان فيها أربعون من أهل الكمال لزمتهم الجمعة كأهل البلاد فان أقاموا الجمعة في موضعهم فذاك وان دخلوا المصر وصلوها سقط الفرض عنهم ولو كانوا مسيئين لتعطيلهم الجمعة في إحدى البقعتين وحكى في البيان وجها انهم غير مسيئين لان أبا حنيفة رحمة الله عليه لا يجوز إقامة الجمعة في القرى ففيما فعلوه خروج عن الخلاف وان لم يكن فيها أربعون من أهل الكمال فاما ان يبلغهم النداء من حيث تقام الجمعة فيه من بلد أو قرية واما ان لا يبلغهم فان بلغهم فعليهم الجمعة لما روى أنه صلى الله عليه وسلم قال الجمعة " على من سمع النداء " (2) والمعتبر نداء مؤذن على الصوت يقف على طرف البلد من الجانب الذي يلي تلك القرية ويؤذن على عادته والأصوات هادئة والرياح ساكنة فإذا سمع صوته بالقرية من اصغي إليه ولم يكن أصم ولا جاوز حدة سمعه العادة وجبت الجمعة على أهلها وإنما كان الاعتبار من الطرف الذي يلي تلك القرية لان البلدة قد تكون كبيرة لا يبلغ النداء من وسطها إلى أطرافها فاعتبر آخر موضع يصلح لإقامة الجمعة فيه احتياطا للعبادة وفيه وجه آخر انه يعتبر من وسط البلد ووجه آخر انه يعتبر من الموضع الذي تقام فيه الجمعة فليكن قوله على طرف البلد معلما بالواو لهذين الوجهين وهل يعتبر أن يكون المنادى على موضع عال كمنارة وسور قال الأكثرون لا يعتبر ذلك لان حد الارتفاع
(٦٠٨)