لم يكن له في عداد مال حين غلب عليه المشركون، وكان في أيديهم، وإنما قلنا إنه لا يعتد به، وإنه ليس كغيره من أمواله من أنها لو جرت فيه المقاسم من قبل أن يدعيه صاحبه أو يتعرفه مالكه، لم يجب له أخذه ممن وقع في قسمه إلا أن يخرج قيمته، فيكون أولى به من بعد إخراج ثمنه فهذا الفرق بين ما غلب عليه المشركون وحازوه عن المسلمين ثم رجع إلى صاحبه في غنايم المسلمين من المشركين، وبين ما يغلب عليه في أرض الاسلام أهل الطغيان والعدوان، مما يحكم برده عليهم أهل الايمان.
باب القول في الرجل يكون له غلة وعليه دين أو يكون معه مال يجب في مثله الزكاة وعليه مثله دينا قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: من كان عليه وسقان من طعام وخرج له من أرضه خمسة أوسق طعاما فإنه يزكي الخمسة الأوسق ولا يحتسب في غلته بما يجب عليه من دينه، لأنه لو أخرج من ذلك ما عليه لم يبق له من غلته ما تجب فيه الزكاة ولكن الزكاة، ثم الدين من بعد ما يجب لله في أرضه، وكذلك إن كانت غلته عشرة أوسق وعليه عشرة أوسق أخرج الزكاة من جميع ذلك ثم قضى الدين، وكذلك من كان عليه عشرون دينارا، وفي ملكه عشرون دينارا، فعليه أن يزكي ما يملكه، وإن كان عليه مثلها دينا ولا يلتفت إلى قول من قال بغير ذلك من المرخصين لأنه لا يخلوا من أن تكون هذه الدنانير له ملكا يملكها وإن كان عليه من الدين مثلها، أو لا تكون له ولا في ملكه، بما زعموا عليه من دينه، فإن كانت له وفي ملكه جاز له أن يتصدق منها وينكح فيها ويأكل ويشرب، فإذا جاز له ذلك منها وجب عليه الزكاة فيها، وإن كان لا يجوز له أن ينكح