يتطهر بما معه من الماء، وكان واجبا عليه أن يتيمم بالصعيد، لان الله سبحانه لم يكلف أحدا من عباده عسرا بل كلفهم من أمورهم يسرا، وأعطاهم على ذلك كثيرا، ونهاهم عن قتل أنفسهم، وعن الالقاء إلى التهلكة بأيديهم، وفي ذلك ما يقول الله سبحانه: ﴿ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة﴾ (٥٤) وقال سبحانه: ﴿ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما﴾ (٥٥) ويقول سبحانه: ﴿يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر﴾ (٥٦) فيجب على من خشي على نفسه إن هو تطهر بما معه من الماء تلفا أن لا يتطهر به، لان تطهره به حرام، وعليه استبقاؤه لنفسه لا يسعه غير ذلك، ولا يجوز له أن يفعل إلا كذلك.
حدثني أبي عن أبيه أنه قال: إن سأل سائل عن رجل معه بقية من الماء وهو مسافر فخاف إن تطهر به أن يهلك عطشا؟ قيل له لا يحل له أن يتوضأ بالماء الذي معه إذا كان أمره كذلك، لان الله سبحانه حرم عليه إتلاف نفسه وإهلاكها فقال: ﴿ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما ومن يفعل ذلك عدوانا وظلما فسوف نصليه نارا وكان ذلك على الله يسيرا﴾ (57) وعليه أن يتيمم صعيدا طيبا، كما أمره الله سبحانه فيمسح به وجهه ويديه، ويمسك الماء على نفسه وكذلك من خاف على نفسه سلطانا جائرا أو لصوصا أو سبعا إن هو طلب الماء فعليه أن يتيمم بالصعيد الطيب، ومحرم عليه في جميع ذلك أن يعترض نفسه للتلف والعطب.
قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: معنى قوله رضوان الله