التعرض لمعنى التسليم هنا ايضا. والحق ان التسليم موكول الى العرف. وفى كل موضع يتحقق [بنحو]، فقد يحصل فى المنفعة باتمام العمل. وقد يحتاج الى شىء آخر. فالموضع الذى يحصل باتمام العمل، تسليمه انما هو ذلك. لا انه لايحتاج الى التسليم. فغفل القائل بعدم الاحتياج [الى التسليم] عن كون ذلك تسليما فى هذا الموضع، وقال با نه لايحتاج الى التسليم اليه. فمن (1) لاحظ موضعا يحتاج الى شىء آخر غير اتمام العمل شرطا للتسليم، فصل. ومن غفل عن حصوله باتمام العمل فى موضع، حسب انه لايحتاج الى التسليم.
فالتحقيق هو القول بالاحتياج الى التسليم لكنه يختلف فى المواضع. وتوضيحه يحتاج الى تمهيد مقدمة. وهو ان الاجارة لعمل الانسان يمكن ان يقع على وجوه: الاول: ان يكون المقصود ان يقع فى ملك المستاجر، كخياطة ثوبه او عمل اللبن فى ارضه. والثانى: ان يقع فى ملك الموجر او الارض المباحة. والثالث: ان يوجد نفس العمل بان لايحتاج العمل الى قيامه بشىء آخر كالصوم والصلوة والحج وتلاوة القرآن. فالمقصود بالذات هنا حصول نفس العمل بخلاف القسمين الاولين، فان المقصود فيها بقاء الاثر فى عين موجود خارجى كالثوب والطين.
ولما كان (2) الاعراض لابد لها من القيام بمحل فالعبادات لاينفك عن القيام ببدن الموجر او بمحل يودى فيه. فهو من لوازم العرض من حيث هو، لامن حيث انه مقصود المستاجر. والا فهو موجود فى القسمين الاولين ايضا. ومن جملة امثلتها فى غير العبادات حراسة الزرع والبستان من الطيور والموذيات باتصفيق والتصويت وغيرهما من خارج الزرع والبستان وحريمهما ايضا. ومن جملتها تنقية النهر الذى ليس للموجر ولا للمستاجر بل انما كان لوقف على مصلحة عامة وغرض المستاجر حصول نفس ذلك العمل. [او] (3) السلطان الجائر الزم الرعايا بالتنقية وهم يستاجرون لرفع النكاية عن انفسهم.