واقع التقية عند المذاهب والفرق الإسلامية من غير الشيعة الإمامية - ثامر هاشم حبيب العميدي - الصفحة ١٧٣
على الفقراء والمساكين، وهذه حقيقة يجدها الباحث في جميع كتب التراجم والرجال.
وقد بلغت نفرته من الحكام انه حرم على نفسه شرب ماء دجلة، لأنه كان يعد ذلك مما جرى عليه الغصب، واكتفى بماء الآبار (1).
وبناء على هذا الرأي فإن سكنه في بغداد يعد من أوضح مظاهر تقيته، لأن من يرى ماء دجلة قد جرى عليه الغصب، سوف لن يرى شبرا من أرض بغداد إلا وقد جرى عليه حكم الغصب أيضا.
ترى، هل أكره ابن حنبل على الإقامة ببغداد؟ أم اتخذها اختيارا مقرا ومقاما؟
قال الدكتور القطري في موقف الخلفاء: انه سكن بغداد اضطرارا حتى روي عنه أنه قال: دفعتنا الضرورة إلى المقام بها، كما دفعت الضرورة المضطر إلى أكل الميتة (2).
ومن تقيته أيضا اختلاف قوله في المحنة، وما تعرض له في عهدي المأمون (ت / 218 ه‍)، والمعتصم (ت / 227 ه‍). فقد ذكر المؤرخون لأحداث هذه المحنة أن المأمون العباسي كتب إلى إسحاق بن إبراهيم - واليه علي بغداد (ت / 235 ه‍) - كتابا يأمره فيه أن يمتحن القضاة والفقهاء والمحدثين في مسألة خلق القرآن فأحضر إسحاق جملة كبيرة منهم، وفيهم أحمد بن

(1) موقف الخلفاء العباسيين من أئمة أهل السنة الأربعة: 351 - نقله عن جلاء العينين للآلوسي: 185.
(2) موقف الخلفاء العباسيين من أئمة أهل السنة الأربعة: 351.
(١٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 168 169 170 171 172 173 174 175 176 177 178 ... » »»