واقع التقية عند المذاهب والفرق الإسلامية من غير الشيعة الإمامية - ثامر هاشم حبيب العميدي - الصفحة ١٣٥
لكي تباع بأرض الهند، فمر بها على مسروق بن الأجدع، فقال: والله لو أني أعلم انه يقتلني لغرقتها، ولكني أخاف أن يعذبني فيفتنني، والله، لا أدري أي الرجلين معاوية: رجل قد زين له سوء عمله، أو رجل يئس من الآخرة، فهو يتمتع في الدنيا (١).
وهذا الكلام ما أصرحه في جواز التقية عند الخوف من الحاكم الظالم، ولو من غير القتل، وفيه إيماءة إلى أن التعذيب بالضرب والإهانة وما شابه ذلك هو أشد وقعا على نفوس العلماء وأهل الفضل من القتل بالسيف ونحوه، على أن مسروقا كان يرى: إن المكره على التقية إذا أباها حتى مات، دخل النار، وقد تقدم هذا في قول أبي حيان (٢).
٣٥ - نجدة بن عويمر الخارجي (ت / ٦٩ ه‍):
حكى الشهرستاني (ت / ٥٤٨ ه‍) في ملله (٣) اختلاف نجدة بن عويمر، رأس فرقة النجدات من الخوارج مع نافع بن الأزرق (ت / ٦٥ ه‍)، رأس فرقة الأزارقة من الخوارج أيضا، في مشروعية التقية. فقال نافع: التقية لا تحل، وخالفه نجدة بن عويمر الحروري، وقال:
التقية جائزة، واحتج بقوله تعالى: ﴿إلا أن تتقوا منهم تقاة﴾ (٤) وبقوله تعالى: ﴿وقال رجل مؤمن من آل فرعون يكتم إيمانه﴾ (5)، وأثبت لنافع أن التقية مشروعة من لدن عليم حكيم.

(١) المبسوط / السرخسي ٢٤: ٤٦.
(٢) البحر المحيط / أبو حيان الأندلسي ٢: ٤٢٤.
(٣) الملل والنحل / الشهرستاني ١: ١٢٥.
(٤) آل عمران: ٣ / ٢٨.
(٥) غافر ٤٠ / 28.
(١٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 129 130 131 133 134 135 136 137 138 139 140 ... » »»