واقع التقية عند المذاهب والفرق الإسلامية من غير الشيعة الإمامية - ثامر هاشم حبيب العميدي - الصفحة ١٣٤
مطاردة زياد بن أبيه (ت / 53 ه‍) للفرزدق الشاعر العربي المشهور (ت / 110 ه‍)، وفي هذه السنة هام الفرزدق على وجهه في البراري مختفيا خائفا من أن يدركه الطلب، لا سيما وقد أباح زياد دمه، إلى أن وصل الفرزدق إلى أخواله من بني ضبة، ثم أدركه الطلب وهو فيهم، فأخفوه، وأنكروا - بعد أن سئلوا عنه - أن يكون لهم علم به، وقالوا : ما رأيناه (1).
ولم ينكر عليهم أحد - على طول التاريخ - بأنهم كذبوا وقالوا خلاف الواقع، بل على العكس كان قولهم هذا مما يستحسنه العقلاء في كل آن وزمان، وهو مما وجب عليهم شرعا، وإلا لكانوا من الآثمين اتفاقا، وهكذا كان للتقية فضلها في عصمة دم الفرزدق.
33 - صعصعة بن صوحان (ت / 56 ه‍):
من كبار التابعين، شهد صفين مع علي عليه السلام، وكان يوصي بالتقية، فقد قال لأسامة بن زيد الصحابي المعروف (ت / 54 ه‍): خالص المؤمن وخالق الكافر، إن الكافر يرضى منك بالخلق الحسن (2).
وهذا القول يؤكد صحة ما مر سابقا، من أن التقية لا تكون خوفا من المؤمن اطلاقا، لأن المؤمنين إخوة، والمؤمن مرآة المؤمن، وإنما تكون من الكافر، بل ومن المسلم الذي تخشى بوادره ولا يطمأن إلى جانبه.
34 - مسروق بن الأجدع (ت / 64 ه‍):
روي أن معاوية بن أبي سفيان (ت / 60 ه‍) كان قد بعث بتماثيل من صفر

(١) تاريخ الطبري ٣: ٢١٣ - في حوادث سنة 50 ه‍.
(2) البحر المحيط / أبو حيان 2: 423.
(١٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 128 129 130 131 133 134 135 136 137 138 139 ... » »»