حقوق أهل الذمة في الفقه الإسلامي - تامر باجن أوغلو - الصفحة ٥٧
الناس من عهد النبوة؟ وليس بوسعنا أن نفهم القرآن كما فهموه. والصوفية تذهب إلى أن على المسلم أن ينجو بنفسه بعيدا عن السياسة وشؤونها؟ وعلى رأسها الشاذلية والنقشبندية. أما قادة الإصلاح أمثال جمال الدين الأفغاني فلا يقيمون وزنا لأعمال السلف؟ وها هو الأفغاني يغضب عندما يقتبس في مجلسه ما يقول القاضي عياض حجة؟ وكأن ما كتبه وحي منزل فيقول: يا سبحان الله!
إن القاضي عياض قال ما قاله على قدر ما وسعه عقله وتناوله فهمه وناسب زمانه؟ فهل لا يحق لغيره أن يقول ما هو أقرب إلى الحق وأوجه؟ وأصح من قول القاضي عياض أو غيره من الأئمة؟ وهل يجب الجمود والوقوف عند أقوال أناس أطلقوا لعقولهم سراحها فاستنبطوا وقالوا وأدلوا دلوهم في الدلاء وفي ذلك البحر المحيط من العلم؟ وأتوا بما ناسب زمانهم وتقارب مع عقول جيلهم - وتتبدل الأحكام بتبدل الزمان. ولما قيل له: إن ذلك يحتاج إلى الاجتهاد؟ وباب الاجتهاد عند أهل السنة مسدود لتعذر شروطه! تنفس الصعداء وقال: ما معنى باب الاجتهاد مسدود؟ وبأي نص سد باب الاجتهاد؟ أو أي إمام قال: لا ينبغي لأحد من المسلمين بعدي أن يجتهد ليتفقه في القرآن؟ أو أن يهتدي بهدى القرآن وصحيح الحديث...
أما الصعوبة الثانية فنراها في ما يجب على المسلم عمله تجاه شؤون السياسة. فهل الإسلام دين لا يهتم إلا بالأمور العبادية؟ وهل القرآن كتاب لا يحوي سوى توجيهات أخلاقية وليس له صلة بالحكومة؟ وصف قادة الإصلاح الخلاف بينهم وبين أهل التزمت بالصراع بين العقل والنقل واتهموا غيرهم بالتمسك الأعمى بنص
(٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 » »»