حقوق أهل الذمة في الفقه الإسلامي - تامر باجن أوغلو - الصفحة ٥٦
بنجاح؟
فهناك عديد من الآيات القرآنية التي لم تكن ليوحى بها لو لم يتلق محمد اعتراضات من الجانبين النصراني واليهودي. وابتداء من القرن الثامن حتى القرن العاشر اختبر الإسلام أزمات حضارية متعددة؟ أهمها تلك التي أحدثتها الأفكار الإغريقية. غير أن الإسلام أظهر القدرة الكافية على مواجهة تلك التهديدات. فتارة رفضها؟ وتارة اعترف بها بعد أن ألبسها حلة إسلامية؟ أو أدمجها كاملا في كيانه. لكن الوضع تغير لما وجد الإسلام نفسه في القرن التاسع عشر وخاصة في القرن العشرين تحت الضغط والتأثير الغربيين. كان التأثير الغربي ذا وجهين: سياسيا وعسكريا. إن الانزعاج أو النكسة التي ظهرت من جراء الهزائم السياسية العسكرية وما تلاها من تبعية للقوى الأجنبية؟
أصابت الإسلام بالشلل وأثارت الانطباع بأن الإسلام لا يستطيع تجديد نفسه ولا صد المواجهات.
يمكن أن نختصر ملامح حركات الإصلاح المشتركة في القرنين التاسع عشر والعشرين في الاقتناع بالانحطاط الداخلي؟ ومكافحة الخرافات؟ وتصفية الإسلام منها والتنبير على القيم المعنوية والأخلاقية. إن قادة تلك الحركات الإصلاحية (وهم بمثابة السلف للأصوليين المعاصرين) كانوا على يقين بأن عودة الأمة إلى القرآن وتعاليمه البسيطة الواضحة هي الحل الوحيد؟ الذي لا خلاص بغيره. نصادف في القرن التاسع عشر نزعات مختلفة بين قادة الفكر الإسلامي؟ كل فرقة لها وصفتها لحل المسائل. فيرى التقليديون وعلى رأسهم شيخ الإسلام أو قاضي القضاة للحكم العثماني أن الخلاص يتم فقط بالتمسك بما به اهتم السلف الصالح؟ إذ هم أقرب
(٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 » »»