حقوق أهل الذمة في الفقه الإسلامي - تامر باجن أوغلو - الصفحة ٥٤
إلى ذلك لم يكن الفقيه لدى الأحناف بحاجة إلى دليل قطعي لكل قضية حقوقية. وقد نسب إلى أبي حنيفة القول: إن أحكام الشريعة محدودة؟ بينما المسائل الفقهية لا تعد!
بخلاف المذاهب الثلاثة الأخرى نرى في مراجع الأحناف آراء لا تمت لروح القرآن بصلة.
فتقرأ في ملتقى الأبحر الذي ألف في القرن 17 حكما يقول إن المسلم يقتل بالذمي؟ أي أن مسلما قتل ذميا في دولة إسلامية يقتص منه. تقول المذاهب الأخرى خلافا للحنفية إن المسلم في حال كهذا يعاقب فقط! يدعي المصدر نفسه تبريرا لتحريم عقوبة الحد للسرقة بأنه من الضروري النظر في مصلحة الإمبراطورية؟ ولا ينبغي أن ننسى أن السرقة في الجزيرة العربية لم تكن لتقتلع جذورها إلا بعقوبة كهذه.
يعالج المذهب الحنفي شؤون الإدارة والحكم أكثر من الأمور العبادية؟ مما جعله مذهبا يصلح لأن يكون دين الدولة.
أما المذهب الشافعي فيجب اعتباره حالة استثنائية؟ لأنه انتشر بين العرب وغيرهم من الشعوب. إن كان المذهب الحنفي امتاز بتأويله للأوامر والنواهي القرآنية على حساب القرآن والسنة؟ والاهتمام بالشؤون الدنيوية أكثر من القضايا العبادية؟ فنرى الشافعية على العكس تقر بأصول الشرع دون تلاعب بها وتبتعد عن المسائل الإدارية. فهي فيما يتصل بالمسائل العبادية أكثر حزما واستقامة؟ ويعود الفضل في انتشارها في الشرق الأوسط عامة؟ وبين السنيين في العراق خاصة؟ إلى الحقد الدفين في قلوب المسلمين على الحكم العثماني ومذهبه الحنفي. أما في بلدان الشرق الأقصى فقد انتشر المذهب الشافعي بفضل نشاطهم التبشيري. يمكن أن نفهم
(٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 » »»