حقوق أهل الذمة في الفقه الإسلامي - تامر باجن أوغلو - الصفحة ٥٥
الوجود الشافعي في لبنان والبحرين كردة فعل أصولية للسنة على الشيعة الأصولية. فعدم الاستعداد لأي شكل من التصالح نقطة شبه بين هاتين المدرستين. المشابهة الأخرى كامنة في أن الدستور الفقهي للشافعية والذي أسس من قبل الشافعي نفسه انتقل إلى يومنا هذا دون تغيير كما هو الحال لدى الشيعة. إن الشافعي كان من أهل الحديث (النقيض من أهل الرأي) ولم يميز الأحاديث الصحيحة من الموضوعة. فأضعف احتمال أن لفظة ما في حديث مروي عن النبي قد تكون صادرة منه؟ كان سببا كافيا عند الشافعي للتحذير من إنكاره! ومن مزاياه الهامة أيضا رفضه المطلق للاجتهاد.
لقد ولد المذهبان الباقيان: المالكية والحنبلية في المدينة أي مهد الإسلام، ولم يستطيعا البقاء إلا في البلدان العربية. لذلك يراهما بعض الفقهاء والباحثين مذهبي العرب. الإمام مالك بن أنس وأحمد بن حنبل يعتبران من جماع الحديث؟ فنرى كتاب المعاملات في كتب هذين المذهبين فوضويا بسبب ما يحوي من تناقضات. أما القسم الأول في مصادرهما الفقهية فيتناول فقط الأحكام العبادية؟ والقسم الثاني ينحصر في حل النزاعات بين القبائل ومعاقبتها.
حركات الإصلاح في الإسلام يبدو تاريخ الإسلام الحديث للكثيرين مرآة صادقة للتأثير الغربي في المجتمع الإسلامي. لقد اعتبر معظم المسلمين الشريعة كيانا جامدا وأصيب من الغرب بضربة قاتلة؟ أو نظام حقوق لا يمكن أن يواصل حياته إلا بتلقيحات من الغرب. كان الإسلام قد تعرض منذ البدء لتحديات دينية وثقافية. ولكن كان باستطاعته الوقوف بوجهها
(٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 » »»