الينابيع الفقهية - علي أصغر مرواريد - ج ٢ - الصفحة ٤٥٦
إلا ما غير طعمه أو لونه أو رائحته، فمنع عليه السلام من نجاسته إذا لم يتغير إلا ما أخرجه الدليل، وهذا بخلاف قول المخالف المنازع في هذا الماء. وأيضا قوله تعالى: وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به، وهذا عام في الماء المنازع فيه وغيره لأنه لا يخرج عن كونه منزلا من السماء وليس لأحد أن يخص ذلك بتنزله من السماء في حال نزوله، أ لا ترى أن ماء دجلة إذا استعمل ونقل من مكان إلى مكان لم يخرج من أن يكون ماء دجلة وأيضا قوله تعالى: فلم تجدوا ماء فتيمموا، فالواجد للماء المختلف فيه واجد لما تناوله الاسم بغير خلاف، وأيضا قوله سبحانه: ولا جنبا إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا، فأجاز تعالى الدخول في الصلاة بعد الاغتسال، ومن اغتسل بالماء المتنازع فيه تناوله اسم مغتسل، بلا شك، وأيضا قوله عليه السلام: لأبي ذر رضي الله عنه: إذا وجدت الماء فامسسه جلدك، ومن وجد هذا الكر واجد للماء. وقوله ع: أما أنا فاحثوا على رأسي ثلاث حثيات من ماء فإذا أنا قد طهرت، ولم يخص ماء من ماء، وماء في الخبر منكر والنكرة مستغرقة لجنسها فالظواهر من القرآن والسنة التي، يتمسك بها على طهارة الكر المختلف فيه كثيرة على ما ترى جدا. وأيضا حسن الاستفهام عند المحققين لأصول الفقه يدل على اشتراك الألفاظ بغير خلاف فيما بينهم ولا خلاف في أن من قال: عندي ماء، يحسن أن يستفهم عن قوله: أ نجس أم طاهر؟ وليس كذلك إذا قال:
عندي ماء للطهارة، في أنه لا يحسن استفهامه لأن القرينة أخلصته من الاشتراك وهو قوله:
للطهارة، وعلى هذا آية التيمم في قوله تعالى: فلم تجدوا ماء فتيمموا، والمراد به الطاهر لأجل القرينة وهي ذكر الطهارة في سياق الآية، فإن قيل: كيف يكون مثلا نصف كر منفردا نجسا والنصف الآخر أيضا نجسا فإذا خلطا وبلغا الكر مجتمعا يصير طاهرا، وهل هذا إلا عجب عجيب؟ قلنا: لا يمتنع أن يكون البعض نجسا إذا كان متفرقا، وكذلك البعض الآخر فإذا اجتمعا حدث معنى وهو البلوغ والاجتماع فيتغير الحكم عما كان عليه أولا فنخرجه من النجاسة إلى الطهارة فيطهر حينئذ بالبلوغ، ولهذا أمثلة كثيرة عقلا وسمعا، فمن ذلك المشرك نجس العين عندنا ويخرجه الإيمان من النجاسة إلى الطهارة. فإن قيل: إن العين على ما كانت عليه، قلنا: غير مسلم لأن الاعتقاد للإسلام والإيمان يمنع من أن يطلق عليها أنها على ما كانت عليه إلا أن يراد بالعين نفس الجواهر فهو كذلك إلا أنه غير مؤثر ألا ترى أن
(٤٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 451 452 453 454 455 456 457 458 459 460 461 ... » »»
الفهرست