كلامه (عليه السلام) - وجملة القول فيه أن الهدف الأعلى للإنسان هو لقاء الله، وأن سر لقائه عشقه ومحبته، وأن مفتاح هذا السر ذكره سبحانه وتعالى، والصلاة أكمل ذكر له.
إن ذكر الله حياة للقلب، وغذاء للروح، ومفتاح للأنس، وباعث على حصول حب الحق جل وعلا وعشقه، وإن عشق الله يقطع العاشق من غير المعشوق، وهذا هو ما يسمى بالانقطاع، وفي المرتبة الاولى من هذا الانقطاع تموت النفس الأمارة، وتبدأ الحياة العقلية للإنسان، وفي أعلى درجاته تستضيء بصيرة الإنسان بنور لقاء الله، وفي أعلى درجات معرفة الله تذوب إرادة الإنسان في إرادة الحق جل وعلا، ويرتدي الإنسان خلعة الخلافة الإلهية والولاية التكوينية، فتظهر منه خوارق العادات واستجابة الدعوات (1).
أما المسألة الجوهرية فهي أن الصلاة حافلة بهذه المعطيات والبركات، وهي التي تأخذ بيد الإنسان نحو الهدف الأعلى للبشرية، ولكن ينبغي أن تكون بحقيقتها وشروطها التي يقبلها الله تعالى من العبد، لا الألفاظ الفارغة والحركات الشكلية التي ينطبق عليها ما جاء في الخبر: " لا يقبل الله صلاة عبد ما لم يحضر قلبه مع بدنه " (2).
ونقول أخيرا: إن الكلام حول حضور القلب في الصلاة وأسباب تحصيله كثير، بيد أني أكتفي بذكر ملاحظتين مهمتين جدا سمعتهما من أحد العارفين الكبار:
1 - التعرض لرحمة الرب الغفلات غير الاختيارية مهما كانت كثيرة فإنها تضمحل وتنتهي بالرحمة