كله لله) في بعض مراحلها إشارة إلى الجهاد الأكبر ومكافحة أصل الفتنة - المتمثلة بالشياطين الكبار وجنودهم - الضاربة جذورها في أعماق قلوب الناس، وعلى كل إنسان أن يجاهد لقمع الفتنة في باطنه وظاهره، وهذا هو الجهاد الذي لو أفلح فيه فإن كل شيء سيصلح في الحياة.
أي بني! إسع لكسب هذا الفوز، أو حاول أن تقطف بعض ثماره، وحد من الأهواء التي لاحصر لها، واستعن بالله جل وعلا إذ لا يفلح أحد بدون مدده، واعلم أن الصلاة هي السبيل إلى بلوغ هذا الهدف لأنها معراج العارفين وسفر العاشقين، وإذا وفقت ووفقنا إلى أداء ركعة منها، وإلى مشاهدة الأنوار المكنونة والأسرار المودعة فيها - ما أمكننا ذلك - فقد شممنا نفحة من مراد أولياء الله ومقصودهم، وتمثلنا مشهدا لصلاة سيد الأنبياء والعرفاء التي هي معراج له عليه وعلى آله أفضل الصلاة والسلام. ومن الله علينا وعليكم بهذه النعمة العظيمة " (1).
أجل، لو اهتم العاملون المخلصون في النظام الإسلامي التواقون إلى سيادة القيم الإسلامية بمعطيات الصلاة وبركاتها كما هي أهله، لما خصصوا القسط الأكبر من ميزانية مواجهة الغزو الثقافي لإحياء الصلاة فحسب، بل لأضافوا فقرة جديدة في ميزانية الحكومة لتعميم ثقافة هذه الفريضة البناءة المجهولة وتعميقها.
وستلاحظون في هذا الكتاب تبيينا مفصلا مأخوذا من القرآن والحديث عن دور الصلاة في بناء الفرد والمجتمع؛ والنقطة الدقيقة والمهمة جدا هنا هي أن بناء الفرد مقدمة لبناء المجتمع، وأن أساس بناء الفرد ذكر الله تعالى كما قال أمير المؤمنين (عليه السلام): " أصل صلاح القلب اشتغاله بذكر الله "؛ - وهذا الكلام من غرر