الجمع بين الصلاتين - عبد اللطيف البغدادي - الصفحة ٢٩٧
وقيدت المالكية تبعا لإمامهم مالك بن أنس وأتباعه كأشهب، وابن الماجشون، وابن حبيب، وأصبغ، والليث بن سعد وغيرهم... قيدوا الجمع بين الصلاتين سفرا بحالة الجد في السير، ولإدراك أمر مهم، وبشرائط خاصة، واحتجوا على ذلك بحديث عبد الله بن عمر من أن النبي (ص) كان إذا جد به السير جمع بين الصلاتين (1).
وهذا مردود بالحديث الذي رواه مالك نفسه في (الموطأ) ج 1 / 291 - 292 ونصه:
" حدثني عن مالك عن ابن الزبير المكي، عن أبى الطفيل عامر بن واثلة: أن معاذ بن جبل أخبره: أنهم خرجوا مع رسول الله (ص) عام تبوك فكان رسول الله (ص) يجمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء، فأخر الصلاة يوما ثم خرج فصلى الظهر والعصر جميعا ثم دخل، ثم خرج فصلى المغرب والعشاء جميعا ".
وقد وثق العلامة الزرقاني في شرحه لهذا الحديث رجال سنده، وقال: كلهم ثقات، وقال معلقا على لفظ الحديث: (ثم دخل ثم خرج فصلى المغرب والعشاء جميعا) قال: قال الباجي: مقتضاه أنه (ص) مقيم غير سائر لأنه إنما يستعمل في الدخول إلى الخباء والخروج منه وهو غالب.
ثم قال الشوكاني: وقال ابن عبد البر: هذا أوضح دليل على رد من قال: لا يجمع إلا إذا جد به السير، وهو قاطع للالتباس. ففيه أن المسافر له
(٢٩٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 292 293 294 295 296 297 298 299 300 301 302 ... » »»