أن يجمع نازلا وسائرا، وكان فعله (ص) لبيان الجواز، وكان أكثر عادته ما دل عليه حديث أنس في الصحيحين وغيرهما، قال: كان النبي (ص) إذا أرتحل قبل أن تزيغ الشمس أخر الظهر إلى وقت العصر ثم يجمع بينهما، وإذا زاغت قبل أن يرحل صلى الظهر ثم ركب، وعند الإسماعيلي: وإذا زاغت الشمس صلى الظهر والعصر جميعا ثم ارتحل.
واحتج بحديث معاذ السابق، الإمام الشافعي في كتابه (الأم)، ونقل احتجاجه الشوكاني في (نيل الأوطار) ج 3 / 215 وعبارته: " قال الشافعي في (الأم): قوله (ثم دخل ثم خرج) لا يكون إلا وهو نازل، فللمسافر أن يجمع نازلا وسائرا ".
وقال الصديق الغماري في (إزالة الخطر) ص 22: " فإن هذا الجمع كان في حالة النزول لا في حالة السير، كما قال الإمام الشافعي وغيره، وهي زيادة يجب قبولها، لا سيما وغزوة تبوك كانت سنة تسع وهي من أواخر أسفار النبي (ص) ".
وقال ابن قدامة: " والأخذ بهذا الحديث متين لثبوته وكونه صريحا في الحكم، ولا معارض له، ولأن الجمع رخصة من رخص السفر، فلم يختص بحالة السير فقط ".
أقول: ومما يؤيد حديث معاذ هذا، حديث آخر، ممن رواه: الإمام محمد بن جرير الطبري صاحب التفسير والتاريخ الكبيرين، المتوفى سنة 310 في كتاب (الولاية) عند ذكر بيعة الناس لعلي أمير المؤمنين بالولاية في غدير خم بسنده عن زيد بن أرقم، وهو حديث طويل جاء في آخره،