الجمع بين الصلاتين - عبد اللطيف البغدادي - الصفحة ٣٠١
أما بعد فإن بعض الراغبين في العمل بالسنة من إخواننا الشفشاوينين سمع مني أن الجمع بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء في السفر والحضر للحاجة من غير مرض ولا مطر سنة ثابتة عن رسول الله (ص) ينبغي العمل بها وإحياؤها، فلما رجع إلى بلده اتفق له بعد مدة أن خرج مع جماعة إلى قرية تبعد عن بلده بنحو عشرة أميال أو ثمانية بقصد الإتيان منها بعروس فلما عزموا على الخروج من القرية والرجوع إلى البلد (وكان ذلك بعد الزوال وعلم أنهم لا يصلون إلى المدينة إلا عند الغروب) جمع بالناس بين الظهر والعصر جمع تقديم في وسط وقت الظهر ثم توجهوا إلى البلد، فقامت قيامة طلبتها وادعوا أن صلاة العصر باطلة يجب إعادتها، ولم يقفوا عند هذا الحد، بل قالوا: ينبغي تعزير الرجل وضربه، وقال آخرون: يجب نفيه من البلد وطرده، بل قال ذو الجهل والحماقة منهم: يجب قتله، ولما ذكر لهم الحديث الوارد بذلك وهو حديث ابن عباس المخرج في الصحيحين قالوا: إنه باطل موضوع، وتصدر بعضهم للكتابة غيرة على الدين فيما زعم، فنسخ في ورقة كلام ميارة في شرحه الكبير، وبعض كلام الشوكاني في (نيل الأوطار) فأخطأ في كلا النقلين، لأنه نزل كلام ميارة في غير منزله، وقلد الشوكاني وهو من غير أهل مذهبه، فأحببت أن أبين خطأ الخائضين في هذه القضية، وأثبت صحة الصلاة من طريق الحجة والدليل، وطريق الرأي والتقليد، وابدأ بتحرير القول في الثانية، لأن الخائضين في القضية ليسوا من أهل العلم والدليل، ولأفهم الحجة والبرهان وإن كانوا قضاة ومفتين وشهودا ومدرسين، وإنما هم أهل تقليد لفلان وفلان، وقبول الرأي من غير دليل ولا برهان، فلنخاطبهم بقدر ما يفهمون، ونلزمهم الحجة من كلام من يقلدون ثم بعد
(٣٠١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 296 297 298 299 300 301 302 303 304 305 306 ... » »»