الجمع بين الصلاتين - عبد اللطيف البغدادي - الصفحة ٢٤٢
لأنه إن كان الجمع لعذر معين فما هو ذلك العذر فأن كان المرض أو الخوف أو المطر أو الغيم أو خصوص فضل المسجد الشريف فقد علمت بأنها جميعا أعذار باطلة لا دليل لهم على شئ منها، ورواة أحاديث الجمع من الصحابة ينفونها، وإن كان الجمع لمطلق العذر أو الأعذار فما بطل به الخصوص يبطل به العموم.
وبذلك اتضح لنا أن أهل البيت " مع السنة النبوية كما هم مع الكتاب (لن يفترقا) فاتبعهم.
12 - نقض تأويل أن الجمع كان صوريا:
أما من ادعى أن الجمع لن يكن لعذر من الأعذار، وأنه لا يصح فيه تأويل من التأويلات المذكورة، ولكن كان جمعا صوريا لا حقيقيا. وهذا التأويل قال به مطلق الحنفية لتبرير فتوى إمام مذهبهم أبي حنيفة حيث أفتى (كما هو ثابت عنه) بعدم جواز الجمع بين الصلاتين مطلقا، ولما كان الثابت عندهم وعند جميع المسلمين أن النبي (ص) جمع بين الصلاتين حضرا وسفرا، لعذر ولغير عذر، عدلوا إلى تأويل هذا الجمع بأنه صوري لا حقيقي. وهذا التأويل قد بالغ في تأييده أكابر الحنفية وشيوخهم ورأوه التأويل الوحيد الذي لا يصح سواه. قال الحافظ الغماري: " ونصره - أي هذا التأويل من الحنفية - الطحاوي في (شرح معاني الآثار) بما فيه تكلف وتعسف يتحاشى عن مثله أهل العلم على قاعدته في نصر مذهب أبي حنيفة، واختار هذا القول أيضا ابن الماجشون، والماورزي، وعياض، والقرطبي، وإمام الحرمين، وابن سيد الناس، والحافظ في (الفتح) مع
(٢٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 237 238 239 240 241 242 243 244 245 246 247 ... » »»