الجمع بين الصلاتين - عبد اللطيف البغدادي - الصفحة ٢١٨
2 - نقض شبهة المعارضة بالآية (103) من سورة النساء:
أما من أدعى أن الجمع بين الصلاتين معارض بقوله تعالى: (فأقيموا الصلاة إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا (حيث قالوا: قوله (موقوتا) يعني أن لكل صلاة وقتا معينا خاصا بها دون غيرها، فلذلك لا يجوز الجمع بين الصلاتين في وقت إحداهما، واستندوا بذلك على قول زيد بن أسلم: (إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا (قال: منجما كلما مضى وقت جاء وقت (1).
والحقيقة أنه ليست في هذه الآية دلالة - لا من قريب ولا من بعيد - على وجوب التفريق بين الصلاتين واختصاص كل واحدة منهما بوقت خاص، ولا فيها أية معارضة أيضا لأحاديث الجمع بينهما كما لا معارضة في قول زيد بن أسلم ومن قال بقوله من الجمهور، وبيان ذلك من جهتين:
أولا - إن الآية في سياقها لم تكن بصدد تعيين أوقات الصلوات أصلا، بل الظاهر أن هدفها بيان الصلاة مفروضة ثابتة لا تسقط بحال من الأحوال، ولا تبدل بشيء آخر كما يبدل الصوم مثلا بالفدية، وهذا هو الذي يلائم ما سبقها من الآيات التي بينت كيفية صلاة المسافرين، وصلاة الخائفين، ثم أمرت بإقامة الصلاة عند الاطمئنان فيكون المراد من قوله تعالى بعد ذلك: (كتابا موقوتا (أي فرضا ثابتا لا يسقط بحال، ولا يقوم شئ آخر مقامه. وهذا المعنى لم نقل به لمجرد السياق فحسب، بل جاء مؤيدا ومستفيضا في روايات عديدة ثابتة عند أهل بيت العصمة "، كما نفوا

(1) راجع تفسير ابن كثير، ج 1 / 550.
(٢١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 213 214 215 216 217 218 219 220 221 222 223 ... » »»