ثانيا - لو أعرضنا عن مجموع هذه الروايات الواردة من طرق الفريقين، وقلنا - استنادا إلى ظاهر لفظ (موقوتا) -: إن المراد منه أن للصلاة وقتا تؤدى فيه، ولكن هل عينت هذه الآية وجوب التفريق في تلك الأوقات؟
وهل نصت على أن لكل صلاة وقتا واحدا تؤدي فيه، حتى تكون الآية معارضة لأحاديث الجمع، ومؤيدة لأحاديث التفريق؟! وهل هناك خلاف بين المسلمين أجمعين في أن للصلاة وقتا تؤدي فيه؟!!
الجواب عن هذه الأسئلة: لا، قطعا. فإذا أين الحجة في الآية؟ وما وجه الاستدلال بها على وجوب التفريق وعدم جواز الجمع؟ وما وجه الاستدلال بقول زيد بن أسلم: (موقتا) أي منجما؟ قال الفخر الرازي عند تفسير الآية من تفسيره (مفاتيح الغيب): " واعلم أنه تعالى بين في هذه الآية أن وجوب الصلاة مقدرا بأوقات مخصوصة، إلا أنه أجمل ذكر الأوقات هاهنا وبينها في سائر الآيات وهي خمسة " (1).
نعم، بينت سائر الآيات أوقات الصلوات وهي إحدى عشرة آية من سبع سور من القرآن، لا خمس آيات كما قال الرازي، ومفاد تلك الآيات أن أوقاتها ثلاثة لا خمسة، ولذلك قد دلت دلالة واضحة على جواز الجمع بين الصلاتين، وأنه لا مانع منه، فراجعها تحت عنوان (مواقيت الصلاة في القرآن).