الجمع بين الصلاتين - عبد اللطيف البغدادي - الصفحة ١٥٣
لأن معنى هذا إنهم (كما هو معلوم) جعلوا وقتا خاصا للظهر لا يجوز إيقاع العصر فيه، ووقتا خاصا للعصر لا يجوز إيقاع الظهر فيه، وهكذا قالوا في صلاتي المغرب والعشاء، وعلى هذا تكون أوقات الصلوات عندهم خمسة، في حين أن المذكور في القرآن ثلاثة، أو أربعة (كما في آيتي سورة الروم فقط). فبان لنا صريحا أن اتفاقهم هذا لا يتحد وظواهر القرآن، بل ونصوصه الصريحة.
وكذلك دليل السنة النبوية، راجع الحديثين المرقمين (8) و (9) تجد فيهما الإشارة الصريحة من النبي (ص) إلى آية سورة طه التي ذكرت وقتا واحدا للظهرين، وإلى سعة وقت العصر واستمراره إلى ما قبل الغروب. وراجع الأحاديث المرقمة (10) و (11) و (12) الدالة على أن وقت العصر يكون بعد الفراغ من الظهر. وراجع الحديثين المرقمين (13) و (14) الدالين على استحباب تأخير الظهر في شدة الحر إلى وقت العصر، واللذين أمر النبي (ص) فيهما بالأبرد بصلاة الظهر، أي تأخيرها إلى أن تزول شدة الحر، ومعلوم أن شدة الحر لا تزول إلا بعد زيادة الظل عن مثله.
قال الجصاص في كتابه (أحكام القرآن) تحت عنوان (وقت الظهر) ما نصه:
" وقد كان شيخنا أبو الحسن رحمه الله تعالى يستدل بقوله (ص): أبردوا بالظهر فإن شدة الحر من فيح جهنم، على أن ما بعد المثل وقت للظهر، لأن الأبراد لا يكون عند المثل، بل أشد ما يكون الحر في الصيف عندما يصير ظل كل شئ مثله " (1).
(١٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 148 149 150 151 152 153 154 155 156 157 158 ... » »»