يبقى أن نشير إلى الأقوال الأخرى وإن قال أصحابها بالصبر وعدم جواز التفريق إلا أن قولهم هذا لا يعني الحكم به أبدا وانما هناك من قيد الصبر بمدة.
الشافعية: حددوا الصبر بمضي مدة يعلم أو يغلب على الظن انه لا يعيش فوقها حسب ما يراه القاضي فيحكم بموته لتقع الفرقة فقد ورد في مغني المحتاج: " ومن أسر أي أسره كفار أو غيرهم أو فقد وانقطع خبره وله مال وأريد الإرث منه ترك أي وقف ماله ولا يقسم حتى تقوم بينة بموته أو ما يقوم مقام البينة بأن تمضي مدة يعلم أو يغلب على الظن أنه أي المفقود لا يعيش فوقها فلا يشترط القطع بأنه لا يعيش أكثر منها وإذا مضت المدة المذكورة فيجتهد القاضي حينئذ ويحكم بموته لأن الأصل بقاء الحياة فلا يورث إلا باليقين. أما عند البينة فظاهر، واما عند مضي المدة مع الحكم فتنزيله منزلة قيام البينة... إن هذه المدة لا تتقدر وهو الصحيح وقيل مقدرة بسبعين سنة وقيل بثمانين وقيل بتسعين وقيل بمائة. وقيل بمائة وعشرين لأنها العمر الطبيعي عند الأطباء وأنه لابد من اعتبار حكم الحاكم، فلا يكفي مضي المدة من غير حكم بموته " (1).
الزيدية: مذهب الهادوية: إن لم يحصل اليقين بموته ولا طلاقه تربصت العمر الطبيعي مائة وعشرين سنة وقيل: مائة وخمسين إلى مائتين (2).
وقال الإمام يحيى: لا وجه للتربص لكن ان ترك لها الغائب ما يقوم بها فهو كالحاضر إذ لم يفتها إلا الوطء وهو حق له لا لها وإلا فسخها الحاكم عند مطالبتها من دون المفقود (3) وهو الذي عبر عنه الكحلاني في سبل السلام ب " أحسن الأقوال " (4).
الحنفية: لا يمكن التفريق بين المفقود وزوجته إلا إذا لم يبق أحد من أقران الزوج حيا فقد جاء في المبسوط " ظاهر المذهب انه إذا لم يبق أحد من أقرانه حيا فإنه يحكم بموته لأن ما تقع الحاجة إلى معرفته فطريقه إلى الشرع الرجوع إلى أمثاله... وبقاؤه بعد موت جميع أقرانه نادر وبناء الأحكام