شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٩٨٤
(فلا يموت أبدا، أي لا تفرق اجزاؤه.) أي، أجزاء البدن الأخراوي لكونه أبديا. قال تعالى: (خالدين فيها أبدا). وقال: (لا يذوقون فيها الموت إلا الموتة الأولى).
(وأما أهل النار، فمآلهم إلى النعيم. ولكن في النار أزلا، إذ لا بد لصورة النار بعد انتهاء مدة العقاب أن يكون بردا وسلاما على من فيها، وهذا نعيمهم.) أي، و مآل أهل النار أيضا إلى النعيم المناسب لأهل الجحيم. إما بالخلاص من العذاب، أو الالتذاذ به بالتعود أو بتجلي الحق لهم في صورة اللطف في عين النار - كما جعل النار بردا وسلاما على إبراهيم، عليه السلام. ولكن ذلك بعد انتهاء مدة العقاب، كما جاء: (ينبت في قعر جهنم الجرجير). وما جاء نص بخلود العذاب، بل جاء الخلود في النار، ولا يلزم منه خلود العذاب.
(فنعيم أهل النار بعد استيفاء الحقوق) أي، بعد استيفاء (المنتقم) حقوق الله و حقوق الخلق منه. (نعيم خليل الله حين ألقى في النار. فإنه، عليه السلام، تعذب برؤيتها وبما تعود في علمه ويقرر من أنها صورة تؤلم من جاورها من الحيوان، وما علم مراد الله فيها ومنها في حقه.) أي، ما علم أن الحق يريد أن يريه الراحة في عين العذاب والنعيم في عين الجحيم.
(فبعد وجود هذه الآلام، وجد بردا وسلاما مع شهود الصورة النارية في حقه.) أي، وجد بردا وسلاما في حقه مع أنه كان مشاهدا للصورة النارية على لونها. (وهي نار في عيون الناس.) ونور وراحة لإبراهيم.
(فالشئ الواحد يتنوع في عيون الناظرين، هكذا هو التجلي الإلهي.) فإنه واحد، لكنه يختلف بحسب القوابل والاستعدادات، فيظهر متنوعا.
(فإن شئت قلت إن الله تجلى مثل هذا الأمر. وإن شئت قلت إن العالم في النظر إليه وفيه مثل الحق في التجلي.) (16) أي، بعد أن علمت أن الشئ الواحد يتنوع و

(16) - قوله: (وإن شئت قلت). أي، إن نظرت إلى ظهور الوحدة في الكثرات، تحكم بأن الحق تجلى مثل ذلك. وإن نظرت إلى ظهور الكثرات في الوحدة، تحكم بأن العالم تجلى مثل الحق بصور مختلفة. (الامام الخميني مد ظله).
(٩٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 979 980 981 982 983 984 985 986 987 988 989 ... » »»