الذي في اعتقاده: (فما لهم من ناصرين).) أي، فلأجل أن إله المعتقد عاجز عن النصرة، ليس له أثر في اعتقاد المنازع له. وهكذا إله المنازع عاجز عن نصرة معتقده، وليس له أثر، أي، فيمن يضاده وينافيه. فليس لأصحاب الاعتقادات الجزئية من ناصرين.
(فنفى الحق النصرة عن آلهة الاعتقادات على انفراد كل معتقد على حدته.) أي، نفى الحق عنها النصرة على انفراد كل منها، إذ لا يقدر أن ينصر كل منها لكل معتقد على حدته. ف (عن) متعلق ب (نفى). و (على) ب (النصرة). وإضافة (الانفراد) إلى (الكل) إضافة المصدر إلى مفعوله.
(والمنصور المجموع، والناصر المجموع.) وفي بعض النسخ:
(فالمنصور). ب (الفاء). و (المجموع) في قوله: (والمنصور المجموع) يجوز أن يحمل بمجموع الآلهة، وفي قوله: (والناصر المجموع) لمجموع المعتقدين، لينصر كل منهم إلهه الذي يعتقده. ويجوز أن يحمل بمجموع المعتقد وإلهه المجعول في الأول، وبمجموع المعتقد وإلهه الحقيقي في الثاني. ومعناه: والحال أن المنصور مجموع المعتقد، وإلهه الذي يعتقده، إذ الرب الحاكم عليه ينصره، و هو ينصر معتقده. و (الناصر) أيضا المجموع، وهو الرب الحاكم على المعتقد و عين المعتقد. فإن نصرة الرب من الباطن لا يظهر في الظاهر إلا بمظهره، وهو عين العبد.
(فالحق عند العارف هو المعروف الذي لا ينكر) كما قال (رض) في فتوحاته:
(الآمرون بالمعروف هم الآمرون بالحق). أي، فالحق عند العارف هو الذي يظهر في صور تجلياته، ويعرف فيها ولا ينكر، لأنه يعرف أن لا غير في الوجود، فصور الموجودات ظاهرا وباطنا كلها صورته، فهو المعروف الذي لا ينكر. (عند العارف. فأهل المعروف في الآخرة.) أي، إذا كان الحق المعروف الذي لا ينكر، فأهل المعروف هم العارفون الذين عرفوا الحق في صور تجلياته، و صار الحق معروفهم في الدنيا، وهم الذين يتصفون في الآخرة أيضا بأنهم أهل المعروف، فإنهم يعرفونه أيضا في صور يتحول فيها، ولا ينكرونه أبدا.