(فالحق محدود بكل حد) لأن كل ما هو محدود بحد مظهر من مظاهره:
ظاهره من اسمه الظاهر وباطنه من اسمه الباطن، والمظهر عين الظاهر باعتبار الأحدية، فالحق هو المحدود.
(وصور العالم لا ينضبط ولا يحاط بها، ولا يعلم حدود كل صورة منها إلا على قدر ما حصل لكل عالم من صورة، فلذلك يجهل حد الحق. فإنه لا يعلم حده إلا و يعلم حد كل صورة، وهذا محال حصوله، فحد الحق محال). أي، صور العالم و جزئياته مفصلا غير منضبطة ولا منحصر، والحدود لا تعلم إلا بعد الإحاطة بصور الأشياء وحقائقها، فالعلم بحدودها محال، فحد الحق من حيث مظاهره أيضا محال. وفي قوله: (إلا على قدر ما حصل لكل عالم من صورة) إشارة إلى أن كل واحد من الموجودات أيضا لا يعلم من حيث حقيقته، لأن حقيقته راجعة إلى عين الحق وحقيقته، وهي غير معلومة للعالم. قال، رضى الله عنه:
(ولست أدرك من شئ حقيقته وكيف أدركه وأنتم فيه) (وكذلك من شبهه وما نزهه فقد قيده وحدده وما عرفه. ومن جمع في معرفته بين التنزيه والتشبيه ووصفه بالوجهين على الإجمال - لأنه يستحيل ذلك على التفصيل لعدم الإحاطة بما في العالم من الصور - فقد عرفه مجملا لا على التفصيل، كما عرف نفسه مجملا لا على التفصيل). أي، من شبهه مطلقا وما نزهه في مقام التنزيه، فقد قيده أيضا وحده في تشبيه وما عرفه، كالمجسمة. ومن جمع في معرفته بين التشبيه والتنزيه ونزل كلا منزلته ومرتبته ووصف الحق بهما على الإجمال - لأنه يستحيل ذلك على التفصيل إذ كل منهما مراتب غير متناهية لا يمكن الإحاطة بها - فقد عرف ربه مجملا، كما عرف نفسه مجملا. لأن المرتبة الإنسانية محيطة بجميع مراتب العالم، والإنسان لا يقدر أن يعرف تلك المراتب على التفصيل، بل إذا علم أن مرتبته مشتملة بمراتب العالم كلها، علما اجماليا، فهو عارف بنفسه معرفة اجمالية، إلا من له مقام القطبية، فإنه من حيث سريانه في الحقائق بالحق يطلع على المراتب كلها تفصيلا، وإن كان هو أيضا من حيث تعينه وبشريته لا يقدر (*)