شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٥٠٢
(على كل مفهوم يفهم من وجوه ذلك اللفظ بأي لسان كان في وضع ذلك اللسان).
أي، وقد علم هذا العالم المنزه أن الكلام الإلهي وإن كان له مفهوم عام يفهمه كل من يسمعه لسبق الذهن إليه عند سماعه، لكن بالنسبة إلى طائفة معينة، من الموحدين والمحققين وباقي علماء الظاهر، له مفهومات خاصة ووجوه متكثرة و معاني متعدده، يتجلى الحق لهم فيه، يعلمون ذلك أولا يعلمون. بل بالنسبة إلى كل شخص منهم، كما قال تعالى: (أنزل من السماء ماءا فسألت أودية بقدرها).
وقال جعفر الصادق، عليه السلام: (إن الله تعالى قد يتجلى لعباده في كلامه لكنهم لا يعلمون) (6) ولما كان هذا المعنى غير مختص بالقرآن، بل هو من خاصة كلامه تعالى، قال: (بأي لسان كان في وضع ذلك اللسان). وقد نبه النبي، صلى الله عليه وسلم، بقوله: (إن للقرآن ظهرا وبطنا وحدا ومطلعا).
(فإن للحق في كل خلق ظهورا خاصا) (7) تعليل على أن المراد مفهوم عموم الناس وخصوصهم، سواء كان ذلك الكلام عربيا كالقرآن، أو غير عربي كالتوراة والإنجيل. أي، الحق متجلي لعباده على ما يعطيه استعداداتهم، فله في كل خلق ظهور خاص.
(فهو الظاهر في كل مفهوم (8)، وهو الباطن عن كل فهم) أي، فهو المتجلي في كل مفهوم ومدرك من حيث كونه مدركا، وهو مختف وباطن عن كل فهم، لعدم إدراك الفهوم جميع تجلياته وظهوراته في مظاهره. (إلا عن فهم من قال: إن العالم صورته ومظهر هويته). أي، هو مختلف عن كل فهم إلا عن فهم من يعرف أن

(6) - هذه الرواية موجودة في كتب أصحابنا وكتب إخواننا العامة. (ج) (7) - قوله: (فإن للحق في كل خلق ظهورا) تعليل لأصل المقصود من مقام التشبيه، أي التشبيه ثابت، فإن الحق ظاهر في كل شئ بحسبه. (الإمام الخميني مد ظله) (8) - وقوله: (فهو الظاهر في كل مفهوم). أي، في كل حقيقة أتى بلفظ المفهوم للمشاكلة مع كلامه السابق، أي، فهو تعالى مع ظهوره في كل الحقائق محجوب عن كل فهم، فإن المشاهدة الحضورية، وإن كانت واقعة، ولكن الإحاطة بجميع المظاهر غير ممكن، إلا للكمل والأقطاب. (الإمام الخميني مد ظله)
(٥٠٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 497 498 499 500 501 502 503 504 505 506 507 ... » »»