شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٥٠١
(ولكن إذا أطلقاه وقالا به، فالقائل بالشرائع المومن، إذا نزه ووقف عند التنزيه ولم ير غير ذلك، فقد أساء الأدب وأكذب الحق والرسل، صلوات الله عليهم، وهو لا يشعر ويتخيل أنه في الحاصل وهو في الفائت. وهو كمن آمن ببعض وكفر ببعض). أي، الجاهل وصاحب سوء الأدب إذا أطلقا التنزيه وقالا به، كل منهما إما أن يكون مؤمنا بالشرائع والكتب الإلهية، أو غير مؤمن بها. فالمؤمن إذا نزه الحق ووقف عنده ولم يشبه في مقام التشبيه ولم يثبت تلك الصفات التي هي كمالات في العالم، فقد أساء الأدب وكذب الرسل والكتب الإلهية فيما أخبر به عن نفسه بأنه (الحي القيوم السميع البصير). ولا يشعر بهذا التكذيب الصادر منه، ويتخيل أنها له حاصلا من العلوم والمعارف وأنه مؤمن وموحد، وما يعلم أنها فائت منه، وهو كمن آمن ببعض، وهو مقام التنزيه، وكفر ببعض، وهو مقام التشبيه. وغير المؤمن، سواء كان قائلا بعقله كالفلاسفة أو لم يكن كمقلديهم المتفلسفة، فقد ضل وأضل، لأنه ما علم الأمر على ما هو عليه، وما اهتدى بنور الإيمان الرافع للحجب. وإنما ترك هذا القسم لوضوح بطلانه.
(ولا سيما قد علم) على البناء للفاعل أو المفعول. (إن ألسنة الشرائع الإلهية إذا نطقت في الحق بما نطقت به، إنما جاءت به في العموم) (5) أي، في حق عامة الخلائق. (على المفهوم الأول، وعلى الخصوص) أي، وعلى لسان الخاصة.

(5) - قوله: (ولا سيما...). هو متعلق بقوله: (فقد أساء الأدب وأكذب الحق والرسل).
(ص). والضمير في قوله: (جاءت به) راجع إلى التشبيه. المفهوم من فحوى الكلام و حاصل المراد، أن الوقوف عند التنزيه إسائة الأدب وتكذيب الحق والرسل، لا سيما أن ألسنة الشرائع نطقت بالتشبيه بلسان العموم في بعض الموارد، وبلسان الخاصة في موارد أخر، أو في الكلام الذي لم يفهم منه العامة ما فهمه الخاصة في أي لسان ولغة كان.
(الإمام الخميني مد ظله)
(٥٠١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 495 497 498 499 500 501 502 503 504 505 506 ... » »»