الأنوار في القلوب وازدياد النورية إلى أن ينكشف لهم الحق مرة أخرى في الصورة المحمدية، وتحصل المجازات في الأعمال: (إن خيرا فخير وإن شرا فشر). ثم ينتهى إلى ظلمة الليل (46) هكذا إلى غير النهاية. فيلزم منه أن يكون أكمل الأولياء مقاما وأرفعهم كشفا وحالا، بل والد الأولياء تماما من كان في آخر الدور الإنساني، لأن المراد بآخر مولود خاتم الولاية المطلقة كما مر. ولذلك قال:
(وهو حامل أسراره).
ثم نسب إلى شيث، عليه السلام، بأنه أول من قال بالتناسخ. وسبب هذا القول ما رأى في شرح الإشراق إن آغاثاذيمون هو (شيث). وذكر هناك في بيان المعاد، أن آغاثاذيمون وجماعة من الحكماء المتقدمين ذهبوا إلى التناسخ. وفيه نظر. لأنه كان من جملة شيوخ أفلاطون، وكان في زمان إسكندر، وكما ذكر في التواريخ، و كان أرسطو أستاذا له تلميذا لأفلاطون. وبينه وبين شيث (ع) قريب بأربعة آلاف سنة أو أكثر، إذ كان بعد الطوفان بمدة متطاولة. ويلزم مما قيل أن يكون قبل نوح (ع) لأنه ابن ملك بن متوشلخ بن أخنوخ، وهو إدريس بن شيث (ع). فهو ظن من شارح الإشراق، كما ظن أن هرمس الحكيم هو إدريس المسمى بهرمس أيضا، للاشتراك في الاسم، بل كان مسمى بهرمس الهرامسة، إذ كان جماعة من الحكماء مسمى بهرمس. وما جاء في كلام أولياء مما يشبه التناسخ، إنما هو بحكم أحدية الحقيقة وسريانها في صور مختلفة، كسريان المعنى الكلى في صور جزئياته، وظهور هوية الحق في مظاهر أسمائه وصفاته، لذلك نفوا التناسخ حين صدر منهم مثل هذا الكلام، كما قال الشيخ العارف المحقق، ابن الفارض، قدس الله روحه: