فمن قائل بالنسخ فالمسخ واقع (47) * به أبرأ وكن عما يراه بعزلتي وللروح من أول تنزلاته إلى الموطن الدنياوي، صور كثيرة بحسب المواطن التي يعبر عليها في النزول، وصور برزخية على حسب هيآتها الروحانية، وصور جنانية، وصور جهنمية تطلبها الأعمال الحسنة والأفعال القبيحة، تظهر فيها عند الرجوع. وإشاراتهم كلها راجعة إليها لا إلى الأبدان العنصرية، لعدم انحصار العوالم. ولو لا مخافة التطويل، لذكرت تلك المراتب مفصلة، لكن الشرط أملك.
وأيضا، ليس قوة هذا الظهور بعد الانتقال إلى الغيب إلا للكمل المسرحين في العوالم لا للمقيدين في البرازخ والمحجوبين فيها، كما قال تعالى حاكيا عنهم:
(ولو ترى إذ وقفوا على النار فقالوا يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين). وقال: (ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه). وقالوا: (ربنا أبصرنا وسمعنا فارجعنا نعمل صالحا غير الذي كنا نعمل إنا موقنون). وقال: (أنظرونا نقتبس من نوركم، قيل أرجعوا ورائكم فالتمسوا نورا فضرب بينهم بسور له باب). وكما أنهم عند كونهم في الشهادة لا يمنعون من الدخول في عالم الغيب، كذلك عند كونهم في الغيب لا يمنعون من الظهور في الشهادة، إذا طلبوا من الحق بلسان استعدادهم ذلك لتكميل الناقصين. وبقدر خلاصهم من التقييد والتعشق بالبرازخ الظلمانية يرتفع التغاير بينهم وبين الروح الأول، ويحصل لهم السراية في المظاهر. ويعلم ما أشرنا إليه من يعلم سر دخول النبي في جهنم لإخراج أمته مرارا. ودخول باقي الأنبياء والأولياء كذلك، كما دل عليه حديث (الشفاعة) وغيره من الأحاديث الصحيحة. ومن أمعن النظر فيما قرر، يظهر له الفرق بينه وبين التناسخ، إذ بينهما فوارق كثيرة يؤدى ذكرها إلى الإسهاب. والله