وليس للإسم الظاهر عليها سبيل، وهي الممتنعات. وحضرة (الوجوب) خزينة يطلب ما فيها الاتصاف بالوجود العلمي والعيني، أزلا وأبدا، وهو الواجب بالذات وبالغير. والممكنات كلها شؤون الحق في غيب ذاته وأسمائه، ووقع اسم الغيرية عليها بواسطة التعين والاحتياج إلى من يوجدها في العين. وبعد اتصافه بالوجود العيني صار واجبا بالغير لا ينعدم أبدا، بل يتغير ويتبدل بحسب عوالمه و طريان الصور عليه. فظهر الفرق من هذا التحقيق بين (الوجوب بالغير) وبين (الإمكان): إذا الوجوب بالغير بعد الاتصاف بالوجود العيني، والإمكان ثابت قبله وبعده. ولا يعلم هذا التفصيل يقينا إلا من انكشف له الحق وعرف مراتب الوجود، وهم العلماء بالله خاصة. ومن عرف ما حققته وأشرت به إليه، يجد في قلبه أسرارا يملأ العوالم ظهورها أنوارا. ومن لم يف استعداده بإدراك الحق، فهو معذور (ومن لم يجعل الله له نورا فماله من نور).
(وعلى قدم شيث يكون آخر مولود يولد من هذا النوع الإنساني، وهو حامل أسراره وليس بعده ولد في هذا النوع، فهو خاتم الأولاد. وتولد معه أخت له، فتخرج قبله ويخرج بعدها ويكون رأسه عند رجليها. ويكون مولده بالصين، و لغته لغة بلده. ويسرى العقم في الرجال والنساء فيكثر النكاح من غير ولادة. ويدعوهم إلى الله، فلا يجاب. فإذا قبضه الله وقبض مؤمني زمانه، بقى من بقى مثل البهائم، لا يحلون حلالا ولا يحرمون حراما، يتصرفون بحكم الطبيعة شهوة مجردة عن العقل و الشرع، فعليهم تقوم الساعة). واعلم، أنه (رض) لما بين في هذا الفص المرتبة المبدئية وكان مرتبة الختم مثلها والدنيا متناهية عند أهل التحقيق كما في ظاهر الشرع، ذكر في آخر الفص من به يكون الختم وألمع ببعض شؤونه من كيفية ولادته ومولده وكونه حاملا للأسرار التي كانت مختصة بشيث، عليه السلام.
قال في فتوحاته، في الفصل الخامس عشر، من الأجوبة للحكيم الترمذي، قدس الله روحه: (وذلك (43) أن الدنيا لما كان لها بدء ونهاية وهو ختمها، قضى الله