شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٤٧٧
أصلا للكامل بناء على أنه مخلوق على صورته.
قال (رض) في الفصل الأول (29) من أجوبة الإمام محمد بن على الترمذي، قدس الله روحه: (وأما ما تعطيه المعرفة الذوقية، فهو أن الحق ظاهر من حيث ما هو باطن، وباطن من حيث ما هو ظاهر. وأول من حيث عين ما هو آخر، (30) وآخر من حيث عين ما هو أول. لا يتصف أبدا بنسبتين مختلفتين، كما يقرره ويعقله العقل من حيث ما هو ذو فكر. ولهذا قال أبو سعيد الخراز، قدس الله روحه، وقد قيل له: (بما عرفت الله)؟ فقال: (بجمعه بين الضدين). ثم تلا (هو الأول و الآخر والظاهر والباطن). فلو كان عنده هذا العلم من نسبتين مختلفين، ما صدق قوله: (بجمعه بين الضدين). أي، لا ينسبان إليه من جهتين مختلفتين، بل من حيث إنه أول، بعين تلك الحيثية هو آخر. وهذا طور فوق طور العقل المشوب بالوهم، إذ العقل لا ينسب الضدين إلى شئ واحد إلا من جهتين مختلفتين (31) (وهو عينه وليس غيره، فيعلم لا يعلم يدرى لا يدرى يشهد لا يشهد).
أي، هذا الكامل هو عين أصله وليس غيره من حيث الحقيقة، والتغاير بينهما من حيث الإطلاق والتقييد، فيقبل الاتصاف بالضدين من جهة واحدة، فيصدق أنه يعلم ولا يعلم، ويدري ولا يدري، ويشهد ولا يشهد، كما أن أصله يعلم في المرتبة الإلهية ومظاهره الكمالية، ولا يعلم في مرتبة ظهوره في صور الجاهلين. و كذلك البواقي.
(وبهذا العلم سمى (شيث) لأن معناه (هبة الله)). أي، وبسبب أن شيث، عليه السلام، كان مختصا بعلم الأسماء التي هي مفاتيح العطايا ومعنى (شيث)

(29) - في السؤال الأول في جواب السؤال. (ج) (30) - في فتوحاته المكية: (وباطن من عين ما هو ظاهر، وأول من عين ما هو آخر، وكذلك القول في الآخر وإزار من نفس ما هو رداء من نفس ما هو إزار). (ج) (31) - والحق الأول عند المحققين من الفلاسفة واحد حقيقي لا تركيب فيه، فإذا لا مجال للقول بأن العقل لا ينسب الضدين إلى شئ واحد، لأنه يلزم وجود جهات متكثرة في الحق الأول. (ج)
(٤٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 472 473 474 475 476 477 478 479 480 481 482 ... » »»