الرائي). فأنت تعلم أن اليمين والشمال، بل الصورة مطلقا، لا يتصور إلا في حضرة الخيال والحس، وحضرات السر والروح والخفى، وغيرها من المراتب الروحانية، كلها مجردة من الصور وجهاتها، (36) مع أن الغرض تمثيل المعقول بالمحسوس لا تمثيل المعقول بالمعقول.
(وقد يقابل اليمين اليسار، وهو الغالب في المرآيا بمنزلة العادة في العموم). و ذلك بحسب الاعتبار، فإنك إذا اعتبرت جهة اليمين من الصورة المرئية في المرآة، وجدت يمينها مقابلا ليسارك ويسارها مقابلا ليمينك، كالإنسان إذا كان مقابلا وجهه إلى وجهك. وأما إذا اعتبرت التقابل بين صورتك والصورة المرئية فيها، يكون اليمين منك مقابلا ليمين ما في المرآة، (37) ألا ترى إنك إذا وضعت أصبعك على وجهك الأيمن، مثلا، يظهر ذلك في الوجه الذي يقابل وجهك الأيمن، فهو يمينها في الحقيقة، وإن كنت تتوهم أنه الوجه الأيسر، لأن ذلك الوجه هو عين هذا الوجه منك لا غيره.