الحضرة الإلهية لاتساعها شئ يتكرر أصلا. هذا هو الحق الذي نعول عليه) أي، نعتمد عليه. وذلك لأن الأسماء غير متناهية، والفائض أيضا من اسم واحد بحسب شخصيته يغاير شخصية ما هو مثله، فإن المثلين أيضا متغائران، فلا تكرار أصلا، لذلك قيل: إن الحق لا يتجلى بصورة مرتين. ولما كان الحق المشهود عنده أن الأعراض والجواهر في كل آن يتبدل، كما سيأتي ولا تكرار، قال: (وهذا هو الحق الذي نعول عليه) وذلك لأن الوجود الذي هو ملزوم كمالات الشئ حاصل للموجود في كل آن حصولا جديدا، كما قال تعالى: (بل هم في لبس من خلق جديد). فحصول ما يتبعه على سبيل التجدد على طريق الأولى. و يظهر هذا المعنى لمن تحقق أن المعطى للوجود هو الله فقط، سواء كان بطريق الوجوب الذاتي أو بالإرادة والاختيار والحكمة أو بواسطة أسمائه وصفاته (1 - 24) والباقي أسباب ووسائط، وفيضه دائم لا ينقطع. فالمستفيض، سواء كان عقولا ونفوسا مجردة أو أشياء زمانية، يحصل لهم في كل آن وجود مثل الوجود الأول ولا تكرار، وهكذا فيما يتبعه. والله أعلم.
(وهذا العلم كان علم شيث، عليه السلام. وروحه هو الممد لكل من يتكلم في مثل هذا من الأرواح). أي، علم الأسماء الإلهية التي يترتب عليها الأعطيات، كان مختصا بشيث، عليه السلام، من بين أولاد آدم من الأنبياء والأولياء سوى خاتم الأولياء، فإنه آخذ من الله جميع ما يظهر به من الكمالات، كما يذكره.
لذلك خص (رض) الأعطيات في حكمته ومرتبته. فمن روحه يستمد كل من يتكلم في هذا العلم، لأن كل عين مختصة بمرتبة معينة بها يتميز عن غيرها، فمظهرها يأخذ منها بذاته، وغيره يأخذ منه بقدر المناسبة التي بينه وبين ذلك