فكذلك باقي كمالاتها التي فيها بالقوة لا يظهر بالفعل إلا بعد أن يتحقق النفس في الخارج ويتعلق بالبدن. ولما كان تركيبه العنصري أولا سبب حجابه وغفلته غالبا عن كماله الحقيقي في بعض الأزمان، كزمن الصبي إلى البلوغ الحقيقي، وكان ذلك أيضا بعينه سبب ظهور كمالاته ومعارفه، قال (رض): (فهو من حيث حقيقته ورتبته عالم بذلك كله بعينه (26) من حيث ما هو جاهل به من جهة تركيبه العنصري) أي، هذا الكامل الذي من روحه يكون المدد لجميع الأرواح، عالم من حيث حقيقته ورتبته بأن الأرواح كلها يستمد منه وهو يمدهم في علومهم و كمالاتهم، وهو بعينه جاهل من حيث تركيبه العنصري بذلك الاستعداد والإمداد. ف (من حيث) الأول متعلق ب (عالم)، والثاني ب (جاهل).
قيل (27): (يجوز أن يكون (ما) في قوله: (من حيث ما هو) بمعنى (ليس) و خبره مرفوع، على لغة تميم) (28) وفيه نظر. لأنه يريد إثبات الضدين، لا نفى أحدهما. بل هي موصولة، أو بمعنى الشئ. لذلك بين بقوله: (من جهة تركيبه العنصري). وليس بقوله: (بعينه) العين الثابتة بل تأكيد. أي، الذي هو عالم بعينه هو جاهل، لذلك قال: (فهو العالم الجاهل، فيقبل الاتصاف بالأضداد).
أي، في مقام واحد باعتبارين من حيث اتصافه بالصفات الكونية، وأما من حيث اتصافه بالصفات الإلهية فباعتبار واحد لما سنبينه. (كما قيل الأصل الاتصاف بذلك، كالجليل والجميل، والظاهر والباطن، والأول والآخر). أي، يقبل الكامل الاتصاف بالأضداد، كما قبل أصله، وهو الحضرة الأسماء والصفات الجلالية والجمالية، لا الحضرة الأحدية، إذ لا كثرة فيها بوجه من الوجوه، وكونها