بداية الحكمة - السيد محمد حسين الطباطبائي - الصفحة ٥٨
وجوبه بعلته.
والامتناع بالذات، كما في المحالات الذاتية، كشريك البارئ واجتماع النقيضين.
والامتناع بالغير، كما في وجود المعلول الممتنع لعدم علته، وعدمه الممتنع لوجود علته.
والامتناع بالقياس إلى الغير، كما في وجود أحد المتضائفين إذا قيس إلى عدم الآخر، وفي عدمه إذا قيس إلى وجود الآخر.
والإمكان بالذات، كما في الماهيات الإمكانية، فإنها في ذاتها لا تقتضي ضرورة الوجود ولا ضرورة العدم.
والإمكان بالقياس إلى الغير، كما في الواجبين بالذات المفروضين، ففرض وجود أحدهما لا يأبى وجود الآخر ولا عدمه، إذ ليست بينهما علية ومعلولية ولا هما معلولا علة ثالثة.
وأما الإمكان بالغير فمستحيل (1)، لأنا إذا فرضنا ممكنا بالغير فهو في ذاته إما واجب بالذات أو ممتنع بالذات أو ممكن بالذات، إذ المواد منحصرة في الثلاث (2)، والأولان يوجبان الانقلاب (3)، والثالث يوجب كون اعتبار الإمكان بالغير لغوا (4).

(1) ولا يخفى أن الإمكان بالغير غير الإمكان الغيري، فإن المراد من الإمكان في الإمكان بالغير هو الإمكان العرضي، وفي الإمكان الغيري هو الإمكان الذاتي. بيان ذلك: أن الإمكان قسمان: (أحدهما) الإمكان بالعرض بمعنى أن يكون الشئ غير ممكن ثم يصير ممكنا بسبب الغير، وهذا هو الإمكان بالغير الذي ثبتت استحالته. (ثانيهما) الإمكان بالذات، وهو أن يكون الشئ ممكنا في حد ذاته، وهذا هو الإمكان الغيري الذي اتصف به الممكنات.
(2) لما ذكر في أول الفصل.
(3) بلزوم الإمكان له من خارج.
(4) لأنه لا يخلو إما أن يكون بحيث لو فرضنا ارتفاع العلة الخارجة بقي الشئ على ما كان عليه من الإمكان، فلا تأثير للغير فيه لاستواء وجوده وعدمه وقد فرض مؤثرا، هذا خلف، وإن لم يبق على إمكانه لم يكن ممكنا بالذات وقد فرض كذلك، وهذا خلف.
(٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 52 53 54 56 57 58 59 60 61 62 63 ... » »»