بداية الحكمة - السيد محمد حسين الطباطبائي - الصفحة ٢١٨
وجه آخر، هو يعقل ذاته ويعقل الواجب (تعالى)، فيتعدد فيه الجهة، ويمكن أن يكون لذلك مصدرا لأكثر من معلول واحد.
لكن الجهات الموجودة في عالم المثال الذي دون عالم العقل بالغة مبلغا لا تفي بصدورها الجهات القليلة التي في العقل الأول، فلا بد من صدور عقل ثان ثم ثالث وهكذا حتى تبلغ جهات الكثرة عددا يفي بصدور العالم الذي يتلوه من المثال.
فتبين: أن هناك عقولا طولية كثيرة وإن لم يكن لنا طريق إلى إحصاء عددها.
الفصل الثاني عشر في العقول العرضية أثبت الإشراقيون في الوجود عقولا عرضية، لا علية ولا معلولية بينها، هي بحذاء الأنواع المادية التي في هذا العالم المادي، يدبر كل منها ما يحاذيه من النوع، وتسمى: " أرباب الأنواع " و " المثل الأفلاطونية " (1) لأنه (2) كان يصر على القول بها، وأنكرها المشاؤون، ونسبوا التدابير المنسوبة إليها إلى آخر العقول الطولية والذي يسمونه: " العقل الفعال ".
وقد اختلفت أقوال المثبتين في حقيقتها (3) وأصح الأقوال فيها - على ما قيل (4) - هو أن لكل نوع من هذه الأنواع المادية فردا مجردا في أول الوجود، واجدا بالفعل جميع الكمالات الممكنة لذاك النوع، يعتني بأفراده المادية، فيدبرها

(1) قال صدر المتألهين: " قد نسب إلى أفلاطون الإلهي أنه قال في كثير من أقاويله موافقا لأستاذه سقراط: إن للموجودات صورا مجردة في عالم الإله، وربما يسميها المثل الإلهية وإنها لا تدثر ولا تفسد ولكنها باقية، وان الذي يدثر ويفسد إنما هي الموجودات التي هي كائنة " ثم قال: " وكان المعروف بأفلاطون ومعلمه سقراط يفرطان في هذا الرأي ". راجع الأسفار 2: 46 - 47.
(2) أي أفلاطون.
(3) راجع الأسفار 2: 47 - 53، وشرح المنظومة: 202 - 203.
(4) راجع الأسفار 2: 62، وشرح المنظومة: 199.
(٢١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 213 214 215 216 217 218 219 220 221 222 223 » »»