ومعلولها سنخية ذاتية ليست بين الواحد منهما وغير الآخر، وإلا جاز كون كل شئ علة لكل شئ وكل شئ معلولا لكل شئ، ففي العلة جهة مسانخة لمعلولها، هي المخصصة لصدوره عنها، فلو صدرت عن العلة الواحدة - وهي التي ليست لها في ذاتها إلا جهة واحدة - معاليل كثيرة بما هي كثيرة متباينة غير راجعة إلى جهة واحدة بوجه من الوجوه، لزمه تقرر جهات كثيرة في ذاتها وهي ذات جهة واحدة، وهذا محال (1).
ويتبين بذلك: أن ما يصدر عنه الكثير من حيث هو كثير، فإن في ذاته جهة كثرة (2).
ويتبين أيضا: أن العلل الكثيرة لا تتوارد على معلول واحد (3).
الفصل الخامس في استحالة الدور والتسلسل في العلل أما استحالة الدور - وهو توقف وجود الشئ على ما يتوقف عليه وجوده، إما بلا واسطة، وهو " الدور المصرح " وإما بواسطة أو أكثر، وهو " الدور المضمر " -، فلأنه يستلزم توقف وجود الشئ على نفسه، ولازمه تقدم الشئ