فردوس الحكمة في الطب - إبن سهل الطبري - الصفحة ٥٦٢
شهوة الجماع، وذلك الهواء والتوهم والسرور، فإذا هاجت هذه خرج الزرع ورشح من العظم كما رشح الماء من الجرة، ثم يتكون الجنين في الرحم فيكون من الغذاء الدم ومن الدم اللحم ومن اللحم الشحم ومن الشحم العظم ومن العظم المخ ومن المخ النطفة والزرع، ومثل الصبي الذي لا زرع له مثل الورد أول ما يظهر ليس له رائحة والاجامة لا تكون لها أولا نواة حتى إذا استكمل ظهر ما كان فيه من القوة، وكذلك مثل الهرمي الذين لا يولد لهم مثل الحنطة التي إذا انتهت منتهاها كان سبب فسادها وعفنها الماء الذي به كانت تربيتها، والدم إذا تتابعت عليه النارية والريحية انعقد وصلب فصار لحما، وإذا تتابع واجتمع على اللحم " قوة " الريحية والأرضية انضم اليه مائية البلغم ابيض فصار شحما وإذا اجتمعت هذه الطبائع على الشحم فنشفت منه المائية صلب ذلك الجزء من اللحم فيصير عظما، وإذا تحركت الريح في العظم ودارت في جوفه صار لذلك مجوفا واجتمع فيه دسم المخ.
وقال في كتاب سسرد ان حياة الانسان لا تكون الا بالدم، ولا يكون موته الا بجمود الدم، ويكون حركته بالريح وحرارته بالمرة وكونه وانجباله بالبلغم، وان المرة نارية منضجة وبها يكون الذكاء والزفافة وجلاء البصر، فإنها إذا تغيرت حمضت، والبلغم رطب، فإذا تغير صار مالحا، وان الدم يسخن ويحمر بالحرارة والمرة، وهو بمنزلة القمر الذي وان كان حره من الشمس فإنه أيضا ينضج الثمار، والذي هو أصل الحياة وخميرته يسمى الأوج، وتفسير الأوج قطرات من دم تكون في وسط القلب فيحسن اللون وقوام الجسم بالدم وبه يكون خصب البدن وكثرة الشحم باللحم، ويكون حسن العينين وصلابة العظم وزيادته بالشحم، ويكون اعتدال القامة والضبط وكثرة المخ بالعظم، ويكون امتلاء العظم وكثرة الزرع بالشحم،
(٥٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 557 558 559 560 561 562 563 564 565 566 567 ... » »»