إلى الأعضاء صار إلى صورتها وتقطيعها " غير أن ما يصل من لغذاء إلى كل عضو يخالف بعضه بعضا، فالذي يصل منه إلى الاذن غير الذي يصل إلى العين وما يصل منه إلى اللحم غير الذي يصل إلى العظم، لان كل عضو انما يتناول ما يشاكله من الغذاء، وذلك مثل فراخ ارض يغرس فيها أنواع البقول والرياحين والثمار الحلوة والحامضة والنبت المنتن والطيب، فيجذب كل نوع منها من رطوبة الأرض ما يشاكله ثم يغيره إلى جوهره، ومثل الصورة في الغذاء مثل ظل شجرة نابتة على نهر جار فان الماء يذهب أولا فأولا والظل قائم لا يفارق موضعه من ذلك الماء، ولذلك صارت الصورة واحدة، وهيولى الأغذية التي تصل إلى البدن من أشياء كثيرة، ومثل الغذاء والنمو كالماء إذا صب على الخمر اختلط بها وحولته الخمر إلى نفسها فيصير ذلك زيادة في الخمر، وقد يكتفي الجسم من الغذاء بان يصل الغذاء إلى جزء من اجزاء الجسم فقط، فيكون ذلك نموا ونشوا له كله، كالحجام الذي انما يخرج الدم من العنق لا من جميع الجسد فيكون ذلك نقصانا لجميع دم الجسم، لأنه لما خرج دم العنق تراجع دم البدن إلى دم العنق، فكذلك الغذاء يزيد في عضو بعد عضو حتى ينتهي إلى جميع الجسد، واما نقصان البدن فإنما يكون إذا زاد الغذاء على القوة الغاذية، فيضعف لذلك القوة الهاضمة عن انضاج الغذاء فيفسد لذلك الغذاء والهيولي الذي في البدن فيكون ذلك نقصانا للبدن كالخمر التي ان أكثر فيها الماء كان ذلك نقصانا من قوة الخمر،
(١١٦)