عرف ما في هذه الأبواب معرفة شافية سهل عليه فهم " كل " ما " يأتي " بعده ووضح له طريق العلاج بإذن الله وعرف فضل هذا الكتاب على غيره ويقربي ما قربت من علمي الصناعة واجتهادي في حسن التاليف وجمع المعاني النافعة المخرجة للمتعلمين، فحد المرض انه شئ يضر بالأعضاء ويوهن فعلها، وحد الصحة انه خلافها، وما سبق المرض وهيجه فهو علة ذلك المرض، وما تبع المرض وحدث عنه فهو عرض ذلك المرض، والمثل فيه مثل حمى الغب فإنها مرض من الأمراض، والحرارة التي هيجت هذه الحمى هي علتها وما يتبع هذه الحمى من القئ والصداع فهو عرض الحمى، ويكون مرض الأعضاء على ثلاثة ضروب، اما أن لا يعمل العضو عمله رأسا، كالمعدة التي لا تهضم الغذاء رأسا، واما ان يعمل عملا ضعيفا متعنقا، واما ان يعمل عملا رديا كالمعدة التي يحمض فيها الغذاء وينتن فيها فيقال لذلك مرض، والعلل التي تحدث في الأبدان لها ثلاثة علل أولها قديمة، وهي التي تكون من فضول وفساد قد كانت اجتمعت في البدن، والثانية حديثة تبتدئ من علة حادثة في البدن، والثالثة ما يحدث منهما جميعا، فاما أجناس الأمراض فهي ثلاثة على عدد تركيب البدن، لان البدن مركب من الأعضاء المتشابهة الاجزاء و من الأعضاء المركبة من تلك المتشابهة، والثالثة من تركيب البدن و تأليفه من المتشابهة والمركبة جميعا، فالأمراض التي تعرض في المتشابهة الاجزاء هي التي تكون في اللحم والعصب وأمثالهما، والتي تعرض في المركبة هي التي تكون في الجبلة كمن يعظم رأسه أو يصغر أو يزيد عدد أصابعه أو ينقص أو تتملس خشونة المعدة فلا يحتبس فيها الغذاء أو تتملس الرحم فلا يثبت فيها الزرع، وانما يعظم العضو ويزيد عدده من افراط كثرة الزرع في العضو، وانما ينقص أو يصغر العضو لقلة الزرع " أو قصوره " عن ذلك العضو، والعلل التي تكون من انحلال
(١٢١)