ديوان السيد حيدر الحلي - السيد حيدر الحلي - ج ١ - الصفحة ١١٢
ولولاهم ما كان للجود من نجد) فهل لسواها الزاخرات قد اعتزت؟ * وهل غيرها سحب إذا السحب أعوزت؟
لقد أحرزت بالوفر حمدا فبرزت * (ولو لم تحز بالوفر حمدا لأحرزت حسان سجاياها لها أوفر الحمد) إذا في الشتاء الشول غبراء روحت (372) * ومص الثرى ماء الرياض فصوحت فإنهما فيها سيول تبطحت * (أناس يرى في الكرخ من فيه طوحت إليهم بنات الشدقميات من بعد) سنا نارهم قد صيروه نعوتهم * لمسترشد الظلماء كي لا يفوتهم ويبصر من وافى لكي يستبيتهم * (جديا (373) على دار السلام بيوتهم لكعبة جدواهم لمن أمها تهدي) لهم أوجه يستصبحون بها الملا * كأن بدور التم منهن تجتلى فلو قابلوا فيها دجى الليل لانجلى * (ولو وزنت فيهم شيوخ بني العلى لما عدلوا طفلا لهم كان في المهد) فطفلهم حذو المس قد احتذى * وعزتهم أضحت لعين العدا قذا وكل من الحساد فيها تعوذا * (وكلا إذا أبصرت منهم تقول: ذا (محمد) فيه شارة الأب والجد) رفيع على لا يطلع الفكر نجده * حليف تقى لا يعلق الاثم برده أخو الحزم ما حلت يد الدهر عقده * (إذا انعقد النادي تراه وولده لناديه عقدا وهو واسطة العقد) كأن عقابا فيه بين قشاعم * وليث عرين فيه بين ضراغم وصل صفاة فيه بين أراقم * (على أنهم فيه نجوم مكارم تحف ببدر المجد في مطلع السعد) بروق علاهم من سناها تكشفت * وكفهم للوفد من سيبه كفت وفي رحمة منه عليهم تعطفت * (وأخلاقهم من حسن أخلاقه صفت ومنها اكتسى لطفا نسيم صبا نجد) فلو نفحت ميتا لاحيته حقبة * ولو كن في المسبوب لم ير سبة ولو كن في المكروب لم ير كربة * (ولو ذاقها الأعداء كانوا أحبة لنوعين فيها من رحيق ومن شهد) وجودهم في المحل من جود كفه * وإن شمخت آنافهم فبأنفه وعرف علاهم فاح من طيب عرفه * (تضوع من أعطافهم ما بعطفه لطائم (374) فخر ينتسبن إلى المجد) أعز بني الدنيا وأطيب عنصرا * لهم عاد عود الفضل فينان مثمرا وفيهم غدا صبح المكارم مسفرا * (سلالة مجد هم مصابيح في الورى بكل إذا استهدت فذاك هو (المهدي) له راحة للوفد تبسط أنملا * يشيمون منها العارض المتهللا فتى مذ نشأ تدري جميع بني العلى * (له مفخر لو بعضه اقتسم الملا لزاد، وما قد زاد جل عن العد) وسادوا بما حار النهى في عجيبه * وبدر السما استغنى بهم عن مغيبه فأمسوا وكل مشرق في غروبه * (وأصبح كل ساميا في نصيبه (375) علا، ماله من انتهاء ومن حد) وشأو ذوو العلياء لا يعلقونه * وكنه ذوو الافهام لا يدركونه وقدر يغض الدهر عنه جفونه * (وعز أكف الدهر تحسم (376) دونه فيرنوا إليه الدهر في مقل رمد) وحلم يراديه (377) الزمان بخطبه * فيلفيه أرس من (أبان) (378) وهضبه وفهم لسقم الجهل (379) شاف بطبه * (ورأي يرى ما غاب من خلف حجبه كأن بابه عن رأيه غير منسد) يبيت على حفظ العلى غير هاجد (380) * ويبذل فيها من طريف وتالد وتبصر منه عين كل مشاهد * (فتى قد رقى العليا بهمة ماجد له أحرزت شأو العلى وهو في المهد) ومن ساعة الميلاد في حبها صبا * وكانت له أما وكان لها أبا فان تعتجب من ذا تجد منه أعجبا (381) * (إذا ما تراءى محتب شك في الحبا على رجل معقودة أو على أحد (382) فان قلت: هذا مرهف كان أرهفا * وأخلاقه: هن الصبا كن ألطفا وإن قلت: ذا ماء السما لست منصفا * (لعمرك ما ماء السماء وإن صفا بأطيب مما منه قد ضم في البرد) وهوب لو أن البحر في كفه فني * وآمله عن صيب المزن قد غني حميد سجايا للمكارم يقتني * (فريدة هذا الدهر لو لم نجد بني أبيه تعالى عن شبيه وعن ند) كرام بهم ربع المكارم روضا * وصبح العلى من (383) نورهم عاد أبيضا هم في علاهم خير من ضمه الفضا * (فروع على منها (محمد الرضا) مزايا علاه ليس تحصر بالعد) سحاب على الوفاد نائله مطل * (وسحبان) يمشي في فصاحته ثمل فان تقصرن في مدح علياه أو تطل * (فلا (أحنف) يحكيه بالحلم لا وبال‍ فصاحة (قس) بل ولا (معن) في الرفد) فعادي غرس المجد لف بغرسه * واس العلى مذ كان ترب لاسه وإن يومه أثنى عليه كأمسه * (فهمته في الجود طبق لنفسه ومذوده والحزم (384) سيان في الحد) فلا وفد إلا غيث جدواه عمه * وشابه في الجدوى أباه وعمه ومذ بشرت فيه القوابل أمه * (سعى طالبا أوج المعالي فأمه أخوه كأن كانا جميعا على وعد) ولما هما قد أبصرا غاية الامل * تلوح إذا (بالمصطفى) فيهما اتصل فحلوا جميعا رتبة دونها (زحل) * (وكلهم جاءوا على نسق من ال‍ على واحد ما عن تساويه من بد) أولي الحمد في عالي الثناء شفعتم * وإن عنه في معروفكم قد غنيتم تهشون شوقا إن دعا من دعوتم * (بني المجد من أبكار فكري خطبتم فتاة عن الخطاب تجنح للصد) بدايع أفكار لها الصيد أذعنت * وفي حجب الأفكار عنهم تحصنت لها ما رنوا يوما ولا لهم رنت * (ولكن رأتكم كفوها فتزينت لكم وأتت تختال في حلل الحمد) فلو شامها (الأعشى) تحير وامتحن * وإن (زهيرا) لو يراها بها افتتن وأنى (لحسان) كمنظومها الحسن * (لها من بديع القول نظم بكم إذ الن‍ وابغ (385) في مضمار أعجازه تكدي (386) على فترة في الشعر إن قيل ينبذ * وإن قد بدا لا طرف إلا وقد قذي ظهرت بنظم فيه ماقته غذي (387) * (ولي أذعنت آياته وأنا الذي بقيت له من بعد أربابه وحدي) فنظم من ألفاظه الدر مقولي * وفي النظم يبديه كعقد مفصل بديع معان إن أفه فيه ينقل * (إذا ما تلوه في (العراق) بمحفل سرت فيه أفواه الرواة إلى نجد) فكم قد تبدت فيه للناس درة * وكم قد تجلت منه للشمس ضرة ومبصره قد قال: هل هو زهرة * (وسامعه قد شك هل فيه خمرة أو ان بنظم الشعر ضرب من الشهد) حكى الروضة الغناء حسن بهائه * وفاق على شهب الدجا بسنائه وأخفى ضياء الشمس نور ضيائه * (وقد زاد في تضميخه بثنائه عليكم شذا قد طبق الأرض بالند) أرم لدى إنشادها (388) المفصح اللسن * وطاش حجى الفهامة الحاذق الفطن فما أنا في إنشائه قط مغتبن (389) * (ولست باطرائي له مزده وإن غدا (طرفة ابن العبد) من حسنه عبدي) ولا أنا من يعلي القريض محله * ولا من يزيد النظم والنثر فضله حويت بقومي المجد والفضل كله * (وما في نظام الشعر حمد لمن له سنام على ينمى إلى (شيبة الحمد) ومفخره سامي السما (بعليه) * وعزته موصولة (بقصيه) وسؤدده إرث له من (لويه) * (وبني (النبي) المصطفى و (وصيه) لنا النسب الوضاح في جبهة المجد) وإن نظاما انتجته رويتي * لنأنف أن يستام عزة نخوتي فما سمحت إلا لكم فيه فكرتي * (فدونكموه فهو في زبري التي طوت ذكر من قبلي فكيف الذي بعدي) ولا نضبت من كفكم أبحر الندى * ولا أفلت من أفقكم أنجم الهدى ولا زال ربع المجد فيكم مشيدا * (ولا برحت علياكم تسخط العدى فتكثر عض الكف من شدة الحقد)

346 السيد مهدي بن السيد داود بن السيد سليمان الكبير الحلي. أشهر مشاهير شعراء عصره، وممن تخرج على مدرسته الأدبية ابن أخيه (صاحب الديوان). ولد في الحلة سنة 1222 ه‍ 1807 م ونشأ بها على أخيه السيد سليمان الصغير المتوفى سنة 1247 ه‍ فدرس عليه العربية وبعض العلوم الأدبية والدينية والكلامية، واخذت مواهبه تنمو حتى برز في عالم الأدب بروزا قويا أصبح بعده شيخا من شيوخ الأدب. توفي بمسقط رأسه في الرابع من المحرم من عام 1289 ه‍ 1872 م وقيل 1287 ه‍ ورثاه شعراء عصره. وديوانه لا يزال مخطوطا يقع في جزئين ب‍ 415 ص ترجمته بمجلة (البيان) وفي كتابي المخطوط (أدب العراق في القرون المظلمة).
347 وفي نسخة: الهوى.
348 وفي نسخة: ذراهما.
349 وفي نسخة: تبرقع.
350 وفي نسخة: خمصاء.
351 وفي نسخة: في.
352 وفي نسخة: جفاء.
353 وفي نسخة: عيوني.
354 وفي نسخة: معرب.
355 وفي نسخة: من.
356 سبر الامر: جربه واختبره. وسبر البئر أو الجرح: امتحن غوره ليعرف مقداره. وفي العقد المفصل: صبره.
357 الرتاج: الباب المغلق.
358 وفي نسخة: علياه.
359 وفي نسخة: لجوهرها.
360 المخبت: المتخشع. المتواضع.
361 الترب: الصديق. أو من يكون معه في سن واحدة. وتربه بدل من عفة نفس.
362 النوفل: العطايا. الفواضل.
363 في النسخة المطبوعة: تربه.
364 الوثير من الفراش: اللين.
365 الورد: الجرئ.
366 وفي نسخة: عنها أرم القوم: سكتوا.
367 المذود: اللسان.
368 الطخياء: الليلة المظلمة. ولعله استعارها للامر المشكل.
369 الزبرة: القطعة الضخمة من الحديد.
370 وفي نسخة: سما.
371 النجد: الطريق.
372 الشول: القليل من الماء. والغبراء: السنة المجدبة.
373 الجدي: نجم تعرف به جهة الكعبة. والجدوى: العطية.
374 اللطائم: جمع لطيمة وهي المسك.
375 وفي نسخة: بنصيبه.
376 تحسم: تقطع.
377 راداه راوده أو نازله.
378 أبان: جبل فيه نخل وماء.
379 وفي نسخة: الدهر.
380 وفي النسخة المطبوعة: جاهد.
381 وفي نسخة: اغربا.
382 أحد: جبل معروف.
383 وفي نسخة: في.
384 وفي نسخة: العزم.
385 النوابغ: جمع نابغة: وهو يقصد نوابغ الشعراء الثمانية المعروفين.
386 تكدي: تكل وتتعب.
387 غذي: سال جرحه دما.
388 وفي نسخة: انشاده.
389 وفي نسخة: مفتتن.
(١١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 108 109 110 111 112 112 113 114 115 116 117 ... » »»