ديوان السيد حيدر الحلي - السيد حيدر الحلي - ج ١ - الصفحة ١١٢
وقال لقوم للإذاعة ما قلوا * (كذا من تصدى للهوى فليكن ولو تجرع من أحبابه علقم الصد) فان الفتى من يحكم الرأي فكره * ويعجز أرباب البصيرة سبره (356) وذو الحزم من يخفى على الناس أمره * (وليس الفتى ذو الحزم من راح سره تناقله الأفواه للحر والعبد) إذا لم يصنه عن خليل وحسد * تحدث فيه الناس في كل مشهد وغنت به الركبان في كل فدفد * (فيسري إلى القاصي كما (بمحمد) سرت بنت فكري بالثناء وبالحمد) لقد جمدت دون القريض القرايح * ومات بموت الماجدين المدايح فما لرتاج (357) الشعر إلاي فاتح * (وما للثنا إلا (محمد صالح) لقد ضل مهديه لغير (أبي المهدي) ظهور العلى في مثله ما استقلت * له رتبة عنها الكواكب حطت فتى إن يرم إدراكه العقل يبهت * (همام إلى العلياء (358) حدة فكرتي بعثت فلم تبصر لعلياه من حد) مليك عليه طائر الوهم لم يحم * وكل ابن مجد شأو علياه لم يرم تحدر من أصلاب فخر غدت عقم * (وعن مثله أم المكارم لم تقم فأنى ترى ندا لجوهره (359) الفرد) له خلق ما شاب سلساله القذا * ولا هو في غير الفخار تلذذا وغير العلى منذ الولادة ما اغتذى * (تربى بحجر المجد طفلا وقبل ذا براه إله العرش من عنصر المجد) فعلم صوب الغيث أن يتهللا * ووازن منه الحلم (رضوى) و (يذبلا) وفات جميع السابقين إلى العلى * (ترقى النهى قبل الفطام به إلى نهاية إدراك الأنام من الرشد) تجمع شمل الزهد لما تشتتا * وعاش التقى من بعد ما كان ميتا بذي نسك ما زال لله مخبتا (360) * (ومعتصم مما يشان به الفتى بعفة نفس تربه (361) وهو في المهد) فلا غرو إن عمت نوافله (362) الملا * وطبقن ظهر الأرض سهلا وأجبلا وفات الورى فخرا ومجدا مؤثلا * (فذا واحد الدنيا انطوى برده على جميع بني الدنيا فبورك من برد) عليه العلا قد دار إذ هو قطبه * وفي فخره من دهره ضاق رحبه وبيت علاه سامت الشهب كثبه (363) * (رفيع مقام أين ما حل تربه من الشهب تمسي تربها أنجم السعد) عظيم محل كان للفضل جوهرا * له رتبة طالت على الشم مفخرا وكيف تضل الناس عن ماجد ترى * (على شرفات المجد مغناه والورى بحصبائه، لا بالكواكب، تستهدي) إذا هو بالايحاش بدل أنسه * تبيت صروف الدهر تنكر مسه همام عليه يحسد الغد أمسه * (تراه، ولو قد كان يخفض نفسه لأمله عطفا ويبسم للوفد) رفيعا بحيث النجم لم يك ممسكا * بأذياله والفكر لم ير مسلكا وتلفيه في النادي ولست مشككا * (ثبيرا) على جنب الوثير (364) قد اتكا ودون لقاه هيبة الأسد الورد (365) أعز الورى نفسا وأزكى نجابة * وأسبق في الآراء منهم إصابة وأبلغهم وسط الندئ خطابة * (له الفصحاء المفلقون مهابة إذا سئلوا لا يستطيعون للرد) عليم له نفس عن الله لم تمل * ومن ذكر ما لم يرضه لم يزل وجل ومنه وعنه العلم بين الورى نقل * (لقد ضاق صدر الدهر من بعض بثه ال علوم، وما يخفيه أضعاف ما يبدي) وعمياء سدت عن ذوي الرشد سبلها * تساوى بها علم الأنام وجهلها جلاها فتى تدري العلوم وأهلها * (إذا انعقدت عوصاء أشكل حلها فليس لها إلاه للحل والعقد) وغامضة فهم الورى دونها انقطع * وليس لهم في حل معقودها طمع إذا أعوصت في كشف غامضها صدع * (فيوضحها بعد الغموض ولم يدع لمعترض بابا لها غير منسد) وكانت متى فاهت ذوو الحزم تخزهم * فيرضوا بذل العجز من بعد عزهم وحتى تحاماها الفحول برمزهم * وعنه (366) أرم الناطقون لعجزهم ومذوده (367) في القول منشحذ الحد) تراه به عضب المضارب مرهفا * إذا هو أمضى الحكم لن يتوقفا فيمسي عليه طالبوا العم عكفا * (فيلقي إلى أذهانها علم ما اختفى ويفرغ في آذانها لؤلؤ العقد) ومن كل طخياء (368) جلا كل غبرة * بايضاح قول عن لسان كزبرة (369) ولم يك إلاه بحدة فكرة * (رشيد بعين الحزم أول نظرة يرى ما به ضلت عقول ذوي الرشد) ترد أمور الناس في كل مشكل * إلى قلب، إن أشكل الرأي، حول ومن كل أمر فاتح كل مقفل * (يسدد سهم الرأي في كل معضل إذا طاشت الآراء فيه عن القصد) فتى معه المعروف يرحل ان رحل * وتنزل آمال الورى حيثما نزل ببرد التقى فوق العفاف قد اشتمل * (ترى نفسه من حبها الله لم تزل بطاعته لله في غاية الجهد) حليف التقى ما انفك لله شاكرا * وللنوم، من حب العبادة، هاجرا وفي ورده ما زال لليل عامرا * (يقوم إلى ما كان ندبا مبادرا مبادة الهيم - العطاش إلى الورد) فيجلو ظلام الليل منه إذا سجى * بغرة وجه كالصباح تبلجا وعن قلب مسجور الحشي يظهر الشجا * (وفي عين عاص نادم يسهر الدجا وما هم بالعصيان للواحد الفرد) فكم شاد بالتقوى بيوت هدى درس * وقام بعين جفنها النوم لم يدس بأوراده يقضي دجا الليل في أنس * (فيقصر عن أوراده ولو أنه اس‍ تدام بجنح سرمد الدهر مسود) إذا لم يفض يوما على الدهر عفوه * أتاه منيبا يقبض الخوف خطوه ونادى بصوت ليس يرفع نحوه * (فيا سابقا لم يدرك العقل شأوه ولا تهتدي الأوهام منه إلى قصد) ألا اسق رياضي، انها اصفر زهرها * وضوء ليالي التي حلن غرها أنر وجه أيامي التي اسود فجرها * (فشمس بني (370) العلياء أنت وبدرها أخوك ربيع الخلق في الزمن الصلد) ونفسكما من كل إثم تقدست * وداركما قدما على الجود أسست وجود كما بالنور منه الربا اكتست * (وحلمكما منه الجبال لقد رست ويطبع من عزميكما الصارم الهندي) وإنكما عقدان للفضل حليا * وبدران في أفق المعالي تجليا وصقران في جو المكارم جليا * (وغيثا عطاء أنتما يفضح الحيا فيعول إعلانا من الغيظ بالرعد) ضلال لذي قصد لغيركما رحل * وأمسى له في غير جود كما أمل ألم يدر مذ جود الكرام قد اضمحل * (بقية جود للورى ذخروكما ال‍ كرام لمن من بعدهم جاء يستجدي) وأبقوكما في الأرض للخلق مقصدا * ليمسي علاهم فيكما متجددا ويبقى نداهم في الزمان مخلدا * (لعلمهم في موتهم يدرج الندى بأكفانهم ميتا ويدفن في اللحد) كأن الورى كانوا بنيهم وأنتما * أقاموكما فيهم كفيلا وقيما ومن بعدهم في ذلك العبء قمتما * (فأحييتما ميت الندى فكأنما هم بكما ردوا إلى الجود والمجد) توارثتما منهم سماء مفاخر * وزينتموها في نجوم زواهر وقد حزتما ما أحرزا من ذخائر * (وأحرزتما ما خلفوا من مآثر ولم تدعا شيئا من الحسب العد) كرام على كل الأنام لهم يد * وبيت علاهم في الزمان مشيد وليس عليهم زاد في الفضل سيد * (لئن زاد في معنى طريف (محمد) عليهم فذا فرع لمجدهم التلد) وإن هم ببطن الأرض من قبل أضمروا * فان لعلياهم معاليه مظهر وطي مساعيهم به عاد ينشر * (وإن درجوا موتى بعلياه عمروا بعمر لأقصى غاية الدهر ممتد) فمن جوهر العلياء كانوا فرنده * وأول من أورى من الجود زنده درى الحي فيهم والذي حل لحده * (هم شرعوا للجود في الناس نجده (371)

346 السيد مهدي بن السيد داود بن السيد سليمان الكبير الحلي. أشهر مشاهير شعراء عصره، وممن تخرج على مدرسته الأدبية ابن أخيه (صاحب الديوان). ولد في الحلة سنة 1222 ه‍ 1807 م ونشأ بها على أخيه السيد سليمان الصغير المتوفى سنة 1247 ه‍ فدرس عليه العربية وبعض العلوم الأدبية والدينية والكلامية، واخذت مواهبه تنمو حتى برز في عالم الأدب بروزا قويا أصبح بعده شيخا من شيوخ الأدب. توفي بمسقط رأسه في الرابع من المحرم من عام 1289 ه‍ 1872 م وقيل 1287 ه‍ ورثاه شعراء عصره. وديوانه لا يزال مخطوطا يقع في جزئين ب‍ 415 ص ترجمته بمجلة (البيان) وفي كتابي المخطوط (أدب العراق في القرون المظلمة).
347 وفي نسخة: الهوى.
348 وفي نسخة: ذراهما.
349 وفي نسخة: تبرقع.
350 وفي نسخة: خمصاء.
351 وفي نسخة: في.
352 وفي نسخة: جفاء.
353 وفي نسخة: عيوني.
354 وفي نسخة: معرب.
355 وفي نسخة: من.
356 سبر الامر: جربه واختبره. وسبر البئر أو الجرح: امتحن غوره ليعرف مقداره. وفي العقد المفصل: صبره.
357 الرتاج: الباب المغلق.
358 وفي نسخة: علياه.
359 وفي نسخة: لجوهرها.
360 المخبت: المتخشع. المتواضع.
361 الترب: الصديق. أو من يكون معه في سن واحدة. وتربه بدل من عفة نفس.
362 النوفل: العطايا. الفواضل.
363 في النسخة المطبوعة: تربه.
364 الوثير من الفراش: اللين.
365 الورد: الجرئ.
366 وفي نسخة: عنها أرم القوم: سكتوا.
367 المذود: اللسان.
368 الطخياء: الليلة المظلمة. ولعله استعارها للامر المشكل.
369 الزبرة: القطعة الضخمة من الحديد.
370 وفي نسخة: سما.
371 النجد: الطريق.
372 الشول: القليل من الماء. والغبراء: السنة المجدبة.
373 الجدي: نجم تعرف به جهة الكعبة. والجدوى: العطية.
374 اللطائم: جمع لطيمة وهي المسك.
375 وفي نسخة: بنصيبه.
376 تحسم: تقطع.
377 راداه راوده أو نازله.
378 أبان: جبل فيه نخل وماء.
379 وفي نسخة: الدهر.
380 وفي النسخة المطبوعة: جاهد.
381 وفي نسخة: اغربا.
382 أحد: جبل معروف.
383 وفي نسخة: في.
384 وفي نسخة: العزم.
385 النوابغ: جمع نابغة: وهو يقصد نوابغ الشعراء الثمانية المعروفين.
386 تكدي: تكل وتتعب.
387 غذي: سال جرحه دما.
388 وفي نسخة: انشاده.
389 وفي نسخة: مفتتن.
(١١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 107 108 109 110 111 112 112 113 114 115 116 ... » »»